[إلى الفاضل الأستاذ لؤي الطيبي.]
ـ[نور الحق]ــــــــ[06 - 02 - 2007, 01:04 م]ـ
أخي الفاضل لؤي:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أود منكم أن تتفضلوا بالإجابة على هذا الاستفسار
قال تعالى:
{فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} ص /72
هل يوجد فرق لو استبدل لفظ (فقعوا) بلفظ (فخروا) كما في الآية:
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} سورة مريم: 58
ما الفرق بين استخدام هاتين الكلمتين؟
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[07 - 02 - 2007, 11:25 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله ..
الوقوع أعمّ من الخرور، ففي الخرور معاني وخصائص لا نجدها في الوقوع .. وقد فرّقت المعاجم بين الفعلين وهيآتيهما ..
جاء في المفردات: خرّ: سقط سقوطاً يُسمع منه خريرٌ، والخرير يُقال لصوت الماء والريح وغير ذلك ممّا يسقط من علوّ .. وقوله تعالى: (وخرّوا له سُجّداً)، فاستعمال الخرّ تنبيه على اجتماع أمرين: السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح، وقوله من بعده: (وسبَّحوا بحمد ربّهم)، فتنبيه أنّ ذلك الخرير كان تسبيحاً بحمد الله لا بشيء آخر ..
وجاء في اللسان: خرّ الماء يخِرُّ: إذا اشتدّ جريه .. والخرخرة: سرعة الخرير في القصب وغيره .. وخرّ الحجر يخُرُّ خروراً: صوَّتَ في انحداره .. والخارّ: الذي يهجم عليك من مكان لا تعرفه .. وخرّ لوجهه يَخِرُّ خرّاً وخروراً: وقع كذلك .. ورجل خارٌّ: عاثر بعد استقامة .. وتخرخر بطنه: إذا اضطرب مع العِظَم ..
ومن هذه المعاني نجد أنّ الخرور يكون مصحوباً بـ"تصويت، وخوف، واضطراب، وسرعة، وشدّة" ... وأنتَ إذا تأمّلتَ هذه المعاني، تجد أنّ مجملها متحقّقٌ في (خرّوا سجّداً)، في الآية الكريمة من سورة مريم عليها السلام، في قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) ..
فأولئك الذين أنعم الله عليهم، إذا تُتلى عليهم آيات الرحمن، فآذانهم تسمع، وقلوبهم تخضع، ونفوسهم تخشع، وأرواحهم تقنع، وأعينهم تدمع، وألسنتهم تضرع، وجوارحهم تكنع، فيفقدون السيطرة على أنفسهم، وينفعلون انفعالاً يرمي بهم إلى الأرض من خشية الرحمن، سُجّداً وبُكيّاً .. وكيف لا يكون هذا حالهم؟ فالأمر فصلٌ وجدٌّ ليس بالهزل! يوم قمطرير، شرّه مستطير، تكاد القلوب منه تطير ..
يا أخي .. أنتَ إذا سمعتَ دويّاً قوياً - مثلاً - ألا يأخذك بالكامل؟ ألا تهلع منه وتخرّ على الأرض خرّاً، فيتساوى قدمك ورأسك من شدّة الخوف والهلع؟ فما بالك بحال مَن يُتلى عليه ذِكْرٌ من الرحمن؟ أفلا يقع مغشيّاً عليه من خشية الرحمن؟
وهذه المعاني لا نجدها في سجود الملائكة لآدم عليه السلام .. فقوله تعالى: (فقعوا له ساجدين) عبارة عن مبادرة الملائكة إلى السجود لآدم بأمر الله .. فهو سجود على وجه التكرمة، كما سجد يعقوب وبنيه ليوسف عليه السلام .. فسجود الملائكة لآدم لا يعني عبادة آدم من دون الله تعالى، ولكنّه سجود نابع من أمر الله تعالى .. وفرق بين الأمرين .. والخلاصة أنّه لا يصحّ بعد بيان هذه الفروق أن تسدّ كلمة (وقع) مكان (خرّ) وبالعكس ..
والله تعالى أعلم ..
ـ[نور الحق]ــــــــ[08 - 02 - 2007, 12:03 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي الفاضل لؤي على هذه الإجابة.
رعاكم الله ووفقكم إلى ما يحبه ويرضاه.