تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لفتة تساؤل حول الالتفات (إنها من العجائب)]

ـ[المحمودي]ــــــــ[26 - 02 - 2007, 06:42 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فبين يدي أولى مشاركاتي في هذا المنتدى يسرني أن أشكر لكم إقامته، سائلاً الله تعالى إدامته بتوفيقه.

سؤالي عن آية كريمة في كتاب الله تعالى وهي قوله تعالى {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34)}

يبدو لي أنه لا نحتاج كبير تأمل ولا علم في علوم العربية حتى يتبين من المقصود بـ (أهل البيت) في هذه الآية، وهن نساء النبي صلى الله عليه وسلم بدلالة الآية وماقبلها وما بعدها.

إلا أن شخصاً قريباً لي - وهو من الطائفة الشيعية - قال: إن المقصود في هذه الآية ليس نساء النبي صلى الله عليه وسلم، بل المقصود هم: علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهما.

فلما ألزمته بدلالة السياق قال مجيبا: (إن هذا من بلاغة القرآن! لأن هذا شيء يسمى الالتفات، فليس المراد بالآية زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بل هم الأربعة المذكورون فقط! وهذا التفات) وقرأ علي هذا الجواب من كتاب لأحد علمائهم أو مراجعهم.

وأجبته إن هذا القول فيه تعسف وإنه إلى العي أقرب منه إلى البلاغة.

فأحببت أن أضع هذه القضية بين أيديكم، لأستفيد منكم بإجابة سؤالين:

ما هي شروط وضوابط الالتفات؟

وهل تنطبق على الآية المذكورة؟

أعاننا الله وإياكم على شكر إحسانه الجزيل، ولا أخلى من لطفه العميم وكرمه الجميل، بمنه والسلام.

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[27 - 02 - 2007, 12:42 ص]ـ

الأخ الفاضل المحمودي ..

نرحب بك في الفصيح ونأمل لك ومنك النفع والفائدة ..

الالتفات أخي الكريم يكون عندما يتغيّر الضمير في الكلام والمخاطَب أو المتحدَّث عنه واحد .. كأنْ تحدّث صديقك، فتقول له: أنتَ كذا، وأنتَ فعلتَ كذا، ثمّ تقول عنه فجأة: لم يعجبه الكلام .. فالضمير في (يعجبه) هو نفسه الضمير (أنت)، ولكنّك التفتّ لغرض بلاغي، لتنبيهه أو لإثارة مشاعره ..

فإن كان ثمّة التفات في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ ?للَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ ?لرِّجْسَ أَهْلَ ?لْبَيْتِ وَيُطَهِّركم تَطْهِيراً) .. فإنّ الضمير في (عنكم) يعود على المتحدَّث عنهم في الآيات التي سبقته، وهنّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم بلا شكّ ..

فالآية متّصلة بما قبلها، إذ هي تعليل لما تضمّنته الآيات السابقة من أمر ونهي ابتداء من قوله تعالى: (ي?نِسَآءَ ?لنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ) .. فإنّ موقع (إنّما) كما يقول الطاهر ابن عاشور: يفيد ربط ما بعدها بما قبلها، لأنّ حرف (إنّ) جزء من (إنّما) .. وحرف (إن) من شأنه أن يغني غناء فاء التسبّب، كما بيّنه الشيخ عبد القاهر، فالمعنى: أمَركن الله بما أمر، ونَهاكُنّ عمّا نهى، لأنّه أراد لكُنّ تخلية عن النقائص والتحْلية بالكمالات .. وهذا التعليل وقع معترضاً بين الأوامر والنواهي المتعاطفة ..

ثمّ إنّ موضوع (إنّما) على أن تجيء لخبرٍ لا يجهله المخاطَب ولا يدفع صحّته، كما يقول الشيخ عبد القاهر الجرجاني .. وتفسير ذلك أنّك تقول للرجل: إنّما هو أخوك، وإنّما هو صاحبك القديم، ولا تقوله لمَن يجهل ويدفع صحّته، ولكن لما يعلمه ويقرّبه، إلا أنّك تريد أن تنبّهه للذي يجب عليه من حقّ الأخ وحرمة الصاحب .. وهذا ما ذكره الزملكاني والعلوي أيضاً، وهو أنّ (إنّما) تكون لما لا يجهله المخاطَب، أو ما ينزل منزلته .. وقد جعل البطليوسي من أنواع (ما) ما يفيد هذا المعنى، فقال: "ومنها التي توصل بـ (إنّ) فتفيد معنى ردّ الشيء إلى حقيقته" .. وإذا كان كذلك، فكيف يغصب الشيعة وصف أهل البيت، ثمّ يقصره غلاتهم على فاطمة وزوجها وابنيهما رضي الله عنهم، ويزعمون أنّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسنَ من أهل البيت ... مع أنّ حديث عمر بن أبي سلمة صريح في أنّ الآية نزلت في أم سلمة وضرائرها، وذلك قبل أن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم الدعوة لأهل الكساء التي يستند إليها الشيعة؟!

ـ[المحمودي]ــــــــ[27 - 02 - 2007, 12:45 م]ـ

شكراً جزيلاً لكم. إجابة قد وفت بالمقصود.

لدي سؤال آخر متعلق بذات السياق وهو حول استدلالهم بأن الالتفات يكون لمخاطب آخر ويستدلون بقوله تعالى {يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين} فيجعلون هذا من الالتفات.

أعلم أيها الأخ الكبير أن مثل هذه التساؤلات قد تثير استغرابكم وربما تثير الضحك عند آخرين، إلا أن هذا مما يعمله التعصب في الإنسان لكي يلوي أعناق النصوص بأي وسيلة كما رأيتم.

كما أعتقد أن فساد هذه الأقوال معلوم ضرورة من اللغة إلا أنني تنقصني الإجابة العلمية التي ألتمسها من حضراتكم. بارك الله فيكم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير