كلام غيره، وهذا مدفوع بأن ما زاد في فهم السامع كالذي ينقص من فهمه ليس من مقاصد القائل.
5. وقول الرماني [5]: البيان أربعة أقسام هي: كلام وحال وإشارة وعلامة.
وعلم البيان شقيق علمين آخرين في حقول البلاغة، هما: علم المعاني وعلم البديع. أما علم البيان فيتناول دراسة الحسن والجمال في النص الأدبي (الشعري والنثري) وذلك بدراسة وسائله البيانية، أي: التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية.
التشبيه
لا بد من معرفة خطة دراسة التشبيه المبنية على معرفة حد التشبيه، وأركانه الأصلية التي لا يستغنى عنها، والفرعية التي يجوز الاستغناء عنها مجموعة أو متفرقة، وفي دراسة أركانه الأصلية ينبغي الوقوف على دراستها من جهة ما يدرك منها بالحواس وما يدرك بالنفس، إذ الحواس الخارجية تقدم المادة الجمالية (حسناً أو قبحاً) للنفس من العالم الخارجي، وأن الحواس المعنوية تقدم المادة الجمالية للنفس من العالم الداخلي، وهذا كله لابد له من أن يكون خلف أظلة الآية القرآنية القائلة: {ونَفسٍ وما سَوَّاها فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها} [6] فالفجور قبح، والتقوى حسن وجمال، وتزكية النفس حسن (فلاح) وتدسيتها قبح أي (خيبة) وهي أي النفس تطاوع صاحبها لو أراد كبحها أو ضبطها {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء} [7] هذه النفس تقوم بتصدير وسائل البيان: التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية. وبعد دراسة أصول التشبيه الأصلية: المشبه والمشبه به، والفرعية هي: الجامع بينهما (وجه الشبه) وأدوات التشبيه، ومقاصد التشبيه أو أغراضه تعكف الدراسة على أنواع التشبيه، ونتخير منها:
1. تقسيم التشبيه قياساً بمكوناته الخمسة يسمى تام الأركان بوجودها، ويسمى ضمنياً بحذفها.
2. تقسيم التشبيه قياساً بأصلي التشبيه (المشبه والمشبه به): أ – الملفوف ب – المفروق ج- تشبيه التسوية د – تشبيه الجمع هـ - تشبيه القلب أو المقلوب.
3. وتقسيمه قياساً بوجه الشبه: أ- تمثيلي ب – غير تمثيلي جـ- مفصل د- مجمل هـ قريب مبتذل و- بعيد غريب
4. وتقسيمه قياساً بأدوات التشبيه: أ- المرسل ب- المؤكد ج- البليغ.
5. مقاصد التشبيه أو أغراضه، وهي تتعلق في أكثرها بالمشبه: أ – بيان حاله ب- بيان إمكان هذه الحال جـ - بيان مقدار حاله بل صفته قوة وضعفاً، حرارة أو برودة. د- تقرير حاله في نفس السامع هـ- بيان إمكانية وجود أو حصولها و- للمدح تحسين الممدوح: وهو تشبيه الأدنى بالأعلى فيقال: حصى كالياقوت إذا أردنا مدح الحصى ز- للهجاء أو التقبيح وهو تشبيه الأعلى بالأدنى فيقال: ياقوت كالزجاج فالياقوت أعلى من الزجاج هذا أردنا الذم .. ولا شك أن الأغراض متعلقة بالناطق وحاجاته المتجددة فلا حصر لها
6. رتب التشبيه = بلاغته في متلقيه: وهي موصولة بأنواعه وبمقتضى الحال، فمنها الحسن على تنوع درجاته واختلافها شدةً وضعفاً، وعلى موجباتها عند مبدعها ومناسبة ذلك عند مبتغيها ومقاصد ابتغائها عنده. ومنها القبيح .. ذلكم مجمل الخطة، وهذه تفاصيلها:
حد التشبيه:
لدراسة حد التشبيه لا بد من عرض بعض حدوده (تعاريفه) التي اشتقها العلماء لبيان حدود التعريف في قاعة البيان، فإذا جاوزت الحد من جهة دخلت في الاستعارة، وإن جزته من جهة أخرى كنت في المجاز، ولعلم أين تشتبك الاستعارة بالتشبيه؟ وأين يشتبك التشبيه بالمجاز؟ وأين تبرز الكناية؟ ومتى تختفي وراء الاستعارة والمجاز ... ؟!!
ورد التشبيه من غير تعريف عند بعض أهل العلم، وورد بحد يأوي إليه الدارسون والباحثون. أما ما كان من غير حدٍّ فذلك قول سيبويه (-):
((تقول: مررت برجلٍ أسدٍ أبوه، إذا كنت تريد أن تجعله شديداً، ومررت برجلٍ مثل الأسد أبوه، إذا كنت تشبهه)) [8]
¥