تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فلصدقتم ولصُدقتم؛ أتيتنا مكذبَاً فصدقناك , ومخذولا فنصرناك, وطريدا فآويناك, وعائلا فآسيناك))

الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يحب المؤمنين؛ فهو الذي يقول: ((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) , والصحابة الذين امتدحهم الله تعالى في كتابه: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم .. } ويقول تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر}

محمد صلى الله عليه وسلم يخفض لهم جناح الذل من الرحمة!! , إنه صلى الله عليه وسلم يعرف قدرهم , ويعتز بهم , ولا يفرط في أنملة أحد منهم , إنهم معادن نادرة من رجال الإسلام , بهذا الشعور الرباني الرقيق , وهذا الخلق النبوي الشريف , انساب في قلوبهم برقة وعذوبة , هو الذي أسرع سعيا إليهم بعاطفة الحب والإشفاق , يتحاور معهم بالتي هي أحسن , من نبع القلوب , وصفاء العقيدة , وصدق الغاية والقصد.

قال صلى الله عليه وسلم: - منعهم حياؤهم أن يقولوه أو يتلفظوا به حين قال لهم: ((أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم؛؛ أتيتنا مكذبا فصدقناك , ومخذولا فنصرناك, وطريدا فآويناك, وعائلا فآسيناك)).

الرسول العظيم , والنبي الكريم؛ يدخل في قلوب أصحابه بأسلوب النبوة الصادق المتواضع, الذي لا يشوبه استعلاء ولا غرور , أسَمعت في هذا الوجود من يطفىء النار بالحب والقرب؟ أسمعَت هذه الدنيا من يقول عن نفسه: أتيتنا مكذبا فصدقناك , ومخذولا فنصرناك, وطريدا فآويناك, وعائلا فآسيناك؟ , يا له من نبي معجزة؛ سجل في هذا المشهد أعظم ما تتطلع إليه الدنيا من قيادة {بالمؤمنين رءوف رحيم} لم يلجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتخاذ إجراءات ومواقف عدائية أو تصفوية كما نشاهد في كثير من الأحداث, بل صدع لقول الله تعالى:

{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} , وأي سبيل أحسن من تضميد الجراح, وجمع القلوب على الفلاح؟ , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يذكر الفضل لأهله)) وبهذا تنموا الفضائل , وتصفوا الضمائر , وتسود المحبة والمودة.

ثم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا , ووكلتم إلى إسلامكم؟))

الرسول صلى الله عليه وسلم يستحث إيمان الأنصار وماضيهم النوراني حين يقول لهم: أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا , ووكلتم إلى إسلامكم؟!

فهو بهذا ينبه الغافل منهم أن الأصل في الجهاد أن نخرج الناس من الظلمات إلى النور , فنجذب الناس إلى الإسلام , فإذا دفعت بشيء من الغنائم لأ تأّلف بها قلوب قوم حديثي عهد بالإسلام ليسلموا ويزدادوا إيمانا؛ فهذا هو بيت القصيد , بل غاية الدعوة لإنقاذ البشرية , مع أن هذه الغنائم مهما بلغت قيمتها فهي لعاعة (أي الشيئ التافه القليل) من الدنيا , وما عند الله خير وأبقى , والمؤمن يجب أن يسترجع الأصل في كل موقف حين يهتف ((الله غايتنا)) وهذا هو معنى قول رسولنا الكريم ((ووكلتكم إلى إسلامكم)) أي: وكلتكم إلى فقهكم ووعيكم الإسلامي الشامل الجامع.

ثم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير , وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟))

يا لها من نقلة روحية وجدانية جليلة المعنى , خطيرة التأثير في القلوب والوجدان والمشاعر, الناس يعودون باللعاعةمن الدنيا الفانية , وأنتم يا معشر الأنصار تعودون بأحب خلق الله إلى الله .. محمد رسول الله , أي جلال هذا؟ وأي فخر هذا؟ وأي نعمة هذه؟ ثم بعد ذلك شفاعة وأنس وصحبة يوم القيامة.

ثم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار , ولو سلك الناس شعبا , وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار, اللهم ارحم الأنصار , وأبناء الأنصار , وأبناء أبناء الأنصار)) , قال: فبكى القوم حتى اخضلت لحاهم , وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا.

ثم يتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة إلى عامة الناس , كلمة ترطب القلوب , وتهدهد العواطف , وتسبح في وجدانهم , وتؤثرهم على غيرهم بما سبق لهم من فضل الإيواء والنصرة , حين يقول لهم: لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار , ولو سلك الناس شعبا , وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار, اللهم ارحم الأنصار , وأبناء الأنصار , وأبناء أبناء الأنصار, ليتنا كنا يومئذ منهم , أي مطمع بعد هذا؟ لو أنفقتِ الأنصار ما في الأرض جميعا ما أدركت مثل هذا المنار , أو هذا الفخر والفوز بالجنة ورضا الرحمن.

أخي الكريم .. أرأيت كيف كان ويكون وسيكون حال البشر , وهي سنة الله في خلقه إلا من رحم؟ , أرأيت كيف يكون العلاج أمام أعتى الفتن وأعصى المعضلات؟ إنه العلاج الذي يجمع ولا يفرق , يبني ولا يهدم , يشع الحب ويزيد من القرب يهزم نوازع ووساوس النفوس ويرتفع بالناس إلى مستوى العقيدة وسمو الغاية ووضوح الهدف , نحو تحقيق أسمى الأمانى

بقيام دولة الإسلام التي ترفرف عليها راية القرآن.

لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير