تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تسلطوا على الشعب المصري، فتسلطوا على شبابه، وفظائعهم التي ارتكبوها في معتقلاتهم أشهر من أن تروى فضلا عن استخفافهم بالعلماء والشيوخ إلى درجة وطئهم بالنعال، فضلا عن استخفافهم بالشريعة المنزلة، بل استخفافهم بمنزِلها عز وجل!!!!.

ثم كانت العقوبة الربانية الأعم في حرب 67، فلم يبق بيت في مصر تقريبا إلا ومنه فقيد أو مصاب، فخاف المصريون على أبنائهم ابتداء من بطش الملكية فآثروا السكينة، وقعدوا عن نصرة الدين، وانصرفوا إلى تربية أولادهم، وإن شئت الدقة فقل: تسمين أبنائهم!!!، حتى جاء شذاذ الآفاق من أبناء يهود ليتسلوا بدهسهم بالدبابات في صحراء سيناء!!!!.

والعقوبة الربانية العامة عقوبة لا تستثني أحدا على وزان حديث أم سلمة رضي الله عنها: "أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"، ثم يبعثون على نياتهم كما في حديث عائشة رضي الله عنها.

وليست دعوة إلى إشاعة الفوضى في المجتمعات الإسلامية التي ابتليت بأولئك العسكر ومن على شاكلتهم جزاء وفاقا لتفريطها في الأمر الإلهي، فحفظ الدين وحقن الدم المسلم وحفظ العرض المسلم من آكد ضرورات الشرع المنزل، ولم تجن الحركات المسلحة على مر العصور إلا إراقة الدم الحرام وانتهاك العرض المصان، فضلا عما يقع في الفتن من استخفاف بأحكام الشريعة الإسلامية وتنفير من المتمسكين بها بالاستهزاء والسخرية والنبز بألقاب: الرجعية والتخلف والجمود والتطرف والإرهاب .......... إلخ من الدعاوى التي يجيد أعداء من الملة من العلمانيين ومن على شاكلتهم توظيفها للصد عن سبيل الله مستغلين الأخطاء التي وقعت فيها الجماعات الإسلامية التي أفرطت في الحماس وفرطت في العلم الشرعي الذي يزن تلك المشاعر بميزان الشريعة المحكم: ميزان المصالح والمفاسد الشرعية المعتبرة، فيوجهها التوجيه الأمثل بدلا من أن تضيع في معارك خاسرة تكون مجتمعات المسلمين الآمنة هي الخاسر الأكبر فيها وقبل العمل لا بد من علم، إذ العمل: حكم، والعلم تصور، ولا يكون الحكم صحيحا إلا إذا كان التصور صحيحا، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقول أهل العلم، وهو يختلف من بلد إلى بلد، فليس واجب الوقت الشرعي في البلاد الآمنة، كواجب الوقت في البلاد التي استبيحت بيضتها كالعراق وبلاد الأفغان، فكل مقام مقال، فالانصراف إلى العلم والتربية الشرعية لا تربية العجول التي تفشت في الأعصار المتأخرة، خير من إثارة القلاقل في الجماعة المسلمة. ولكن لا بد مع ذلك من ملاحظة السنن الكونية وقراءة الأحداث قراءة شرعية لأخذ العبرة من التجارب السابقة، والتخاذل عن نصرة الدين طلبا للنجاة هو عين الهلاك، كما أثبتت تجربة مصر في منتصف القرن الماضي ذلك، فلم يغن عن المصريين ركونهم إلى الدنيا شيئا، فمن نصر دين الله، عز وجل، بعلم نافع وعمل صالح، خير ممن قعد تكاسلا أو تخاذلا أو جبنا. فشتان الفريقان!!!.

ولا زالت مغامرات العسكر مستمرة في العالم الإسلامي!!!.

وتدخل العسكر عموما في الحياة المدنية مئنة من فشل مؤسسات الدولة المدنية في تسيير أمورها.

وبقي أن يقال بأن غينيا دولة إسلامية تقع في غرب إفريقية يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة: 80 % منهم مسلمون، وهي مع ثرواتها الطبيعية واحدة من أفقر 10 دول في العالم إذ يعيش أكثر من نصف سكانها بدخل يومي يقل عن دولار واحد.

وإذا ذكر غرب إفريقية ذكرت دولة المرابطين التي قامت في المغرب وامتدت حتى شملت الشمال الإفريقي ما عدا مصر، وغرب إفريقية بأكمله، والأندلس، وهي التي كان لها الفضل في صد الغارة النصرانية على البقية الباقية من إرث المسلمين في الجزيرة الأندلسية، فقاد يوسف بن تاشفين، رحمه الله، مقدم دولة المرابطين جموع المسلمين في معركة الزلاقة الشهيرة التي أبيدت فيها قوات نصارى الشمال إبادة شبه كاملة في عام 479 هـ، وكان لأولئك الأفاضل دور بارز في انتشار الإسلام في دول غرب إفريقية ومنها غينيا، وكان للقائد المرابطي الشهير: أبو بكر بن عمر اللمتوني، رحمه الله، دور بارز في ذلك الفتح وهو الذي تنازل عن الحكم طواعية لابن عمه يوسف بن تاشفين، في سابقة لا تتكرر كثيرا في تاريخ الخلفاء والملوك، ومضى فاتحا مجاهدا في الغرب الإفريقي، فانتشرت دعوة الإسلام في تلك الأصفاع الشاسعة على يديه، إذ أجرى الله، عز وجل، على يديه من الفتوحات ما أجرى، وبأمثال أولئك تنصر الملة ويؤسس الملك التليد، لا بأمثال لانسانا كونتي ومن سار على طريقته من انقلابي إفريقية وما أكثرهم!!!!.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير