وقد قدم جرذان السلطة خدمات جليلة للكيان الصهيوني في هذا الشأن، فبعد طردهم من غزة عثرت الحكومة المنتخبة في مكتب الجرذ المسمى: مستشار الأمن القومي الفلسطيني الذي فر مذعورا إلى رام الله ومنها إلى مصر، للأسف الشديد!!!، عثرت على قوائم بأسماء المساجد التي تنشط فيها الحركة العلمية والدعوية تمهيدا لتصفيتها وتصفية أئمتها على غرار تجربة الميليشيات السوداء في العراق في تصفية أئمتنا وهدم مساجدنا، أو الاستيلاء عليها وتحويلها إلى معابد يمارس فيها القوم شركياتهم.
والمساجد في غزة ليست كأي مساجد، فليست لأداء الشعائر فقط، وإذا تأخر المصلي برهة تشاجر معه مقيم الشعائر لأنه: عايز يروح!!!، كما يحدث عندنا في مصر، وإنما تميزت مساجد غزة بالتأصيل الشرعي: علما وعملا، وهو أمر تفتقده كثير من الحركات الإسلامية المعاصرة، فتجد بعضها قد احترف العمل الدعوي الحركي دون تأصيل شرعي فيقع منه من الأخطاء الشرعية ما يقع، وإن كان ذلك بحسن نية، بل قد يتعدى الأمر إلى مهاجمة من يهتم بالتأصيل الشرعي واتهامه بالجمود والتشدد واحتكار ألقاب الوسطية والعصرية ........... إلخ، وعلى الطرف الآخر تجد بعض طلبة العلم يستغرق وقته في تتبع دقائق المسائل التي قد لا يحتاجها طيلة عمره، فينفصل عن واقعه فلا يكاد يدري ما الذي يحدث لإخوانه في شتى بقاع الأرض التي يحارب فيها الإسلام وأهله.
وقد أشار الدكتور مروان أبو راس، حفظه الله، وهو رئيس رابطة علماء فلسطين في غزة، إلى طرف من ذلك في لقاء أجراه معه موقع مفكرة الإسلام، في معرض نفي تلبس بعض المنتسبين إلى حركة حماس ببدعة سب الأصحاب، رضي الله عنهم، التي يروج لها معسكر الممانعة إياه!!!، عن طريق استثارة المشاعر بشعاراته الجوفاء، فذكر أن المنتسبين إلى الحركة يخضعون إلى تأهيل علمي يصعب معه تسلل هذه البدعة القبيحة إلى نفوسهم، فهم يدرسون متونا متقدمة في المعتقد كـ: "العقيدة الطحاوية" وقد أشار إليها تحديدا، ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكون كل منتسبي الحركة علماء أو حتى طلبة علم، فالشاهد من ذلك اهتمام الحركة بالجوانب الشرعية جنبا إلى جنب مع الجوانب العملية، وهو جمع بين الحسنيين يفتقده كثير من شباب الصحوة في الدول المستقرة، ولعل طبيعة الصراع مع العدو الصهيوني الغاشم هي التي فرضت هذا النمط الحسن من الإعداد، إذ لا يمكن مواجهة عدو غاشم يؤمن بعقيدة تلمودية عنصرية، ويستميت في الدفاع عنها، إلا بعقيدة صحيحة يؤمن أصحابها بها ويستميتون أيضا في الدفاع عنها، أما عقائد: العروبة، والوطنية، والدفاع عن تراب الوطن .......... إلخ من الهذيان الذي نسمعه كثيرا فهو سبب عجزنا الآن عن نصرة إخواننا في غزة.
ولا زالت حروب المعسكرات التي تزايد على مأساة إخواننا في غزة:
فمنا من يحذر من المشروع الفارسي الذي ضمت إليه المقاومة الفلسطينية السنية بالعافية!!!، وكأن همه نصرة السنة وأهلها، وهو قد ارتضى بدور التابع لأمريكا والكيان العبري اللقيط، وكل دول المنطقة بلا استثناء لها نصيب من هذه التبعية المقيتة، ولولا تخاذلها عن نصرة المسلمين في العراق، بل وتسهيل غزوه برا وبحرا وجوا، لما استطاعت أمريكا أن تحتل العراق بالتواطؤ مع أهل البدعة الذين ألقوا السلاح تدينا بفتاوى مراجعهم المشبوهة، ولم نكتف بذلك بل صرنا حربا على المقاومة العراقية السنية، الدرع الذي وقى الله، عز وجل، به بقية دول المنطقة من مصير العراق، فكان جزاؤه: الإهانة والتشهير، وبعد تسليم العراق وتغلغل الفرس فيها راح ذلك التابع يصرخ محذرا من المشروع الفارسي الذي كان أحد عوامل نجاحه في السيطرة على العراق ومد نفوذه حتى لبنان!!!!
ومنا من خدعته تصريحات المقاومة والممانعة التي يطلقها أهل البدعة: أنصار الإسلام!!!! الذين ساموا إخواننا الموحدين في العراق سوء العذاب، واسأل مساجد بغداد التي منعت أن يذكر فيها اسم الله، فسعى حراس الإسلام أصحاب المشروع الثوري!!! في خرابها، واسأل أشلاء الموحدين التي ألقيت في أماكن جمع القمامة تشفيا في السنة وأهلها.
والمسألة: كعكة هي بلادنا يتنازع القوم في توزيعها، كما جرى في العراق بعد سقوطه.
وإذا كنا لا نملك نصرة إخواننا في غزة فلا أقل من أن نحرر ولاءنا وبراءنا في هذه النازلة فلا ننساق وراء هذه الدعاية أو تلك.
ولا تنسوا إخواني الدعاء لأهلكم في غزة، ولا تنسوا أيها المصريون على وجه الخصوص: المبادرة إلى التبرع، قبل أن تلعب حكومتنا بذيلها كعادتها، فتغلق المعابر بعد امتصاص موجة الغضب الشعبي بتقادم الأمر، فقد وردت الأنباء بالأمس من معبر رفح عن بطء في دخول المساعدات بالمقارنة مع الأيام الأولى للنازلة، فصارت المبادرة من جهة:
المسارعة في الخيرات عملا بقوله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).
ومحاولة إيصال أكبر قدر من المساعدات لإخواننا المحاصرين لعلها تكون، بإذن الله، عونا لهم على الصمود.
والله أعلى وأعلم.
¥