فلابد من إيمان صادق وعمل صالح: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا)).
وهنا شرط مهم: ((يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)) (سورة النور).
ثم قال في الآية التي بعدها مباشرة: ((وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) (سورة النور:56).
ومن أهم ما يتمثل فيه هذا الإيمان:
عبادة الله سبحانه وتعالى عبادة خالصة ليس فيها شرك.
وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به، وفي كل ما نهى عنه، فما أمر به يفعل، وما نهى عنه يجتنب.
والتوكل على الله وحده، والاعتماد عليه سبحانه، والاستنصار به جل وعلا، ودعاؤه والاستغاثة به: كما كان نبينا يفعل، ومن يقرأ قصة غزوة بدر يجد ذلك واضحاً حيث قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ((لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ:) اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ (فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ)) ... إلخ الحديث. رواه مسلم
أيها المسلمون: ومن أسباب النصر الصبر والثبات: سواء كان ذلك في المعركة، أو قبل المعركة: صبر على الابتلاء، صبر على المحن، فلا يمكن أن يمكن لهذا الدين إلا بعد ابتلاءات ومحن، ثم إذا صُفي ونُقي جاء التمكين، وجاء النصر، فلابد من صبر وثبات كما قال جل وعلا: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا)) (الأنفال: 45).
وكما قال سبحانه: ((فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (الأنفال: 66)
ومن أسباب النصر على الأعداء ذكر الله كثيراً ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا)) (الأنفال: 54).
إذا قارنت هذا الأمر الإلهي الذي طبقه النبي وأصحابه والسلف الصالح من بعدهم، ثم قارنته بهذا العصر الذي نعيشه؛ وجدت أن أهل هذا العصر يدخلون المعركة، وهم يغنون، ويرقصون؛ فتكون النتيجة هزيمة ساحقة، وخيبة ماحقة.
أيها الأخوة في الله: ومن أسباب النصر: وحدة صف الأمة: أما إذا كانت مفرقة ومشتتة، فإن النصر لن يكون حليفها، ولذلك صلاح الدين الأيوبي رحمه الله لما أراد أن يستخلص بيت المقدس من أيدي الصليبيين أول أمر فعله أن قام بتوحيد أقوى بلدان المسلمين في ذلك الوقت، وهي: مصر والشام، فلما وحدها نهض لقتال الصليبيين، فوحدة الصف المسلم سبب من أسباب النصر والتمكين، وأما إذا كان المسلمون مفرقين فإن النصر منهم بعيد.
كذلك من أسباب النصر: وجود القيادة المؤمنة القوية: فالقيادة العلمية القوية وقيادة الدنيا إذا اجتمعتا تحقق النصر والتمكين، أما إذا وجدت القيادة العلمية، ولكن ليس معها قوة تحميها وتدافع عنها وتجاهد لنشرها فإنها لا تقوى ولا تنتصر.
ومن أسباب النصر: إعداد العدة والأخذ بالأسباب: قال الله: ((وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ)) (الأنفال: 60).
¥