(كنت في رحلة , ضللت الطريق, و جدت نفسي فجأة أمام جندي يريد قتلي , فسحبت مسدسي و دافعت عن نفسي!) فيصك المحققون أسنانهم بغيظ و يسألون: (هل الرحلة تحتاج إلى مسدس؟) فيجيب: (نعم لأن المنطقة تكثر فيها الضباع!) , و هكذا استمر التحقيق حتى استسلم المحققون و هم يصيحون: (ولد معتوه , مجنون , جن أزرق ... ألقوه في ستين داهية) , هذه العملية التي تمت بذكاء كبير –باعتراف من المصادر الإسرائيلية –أصبحت تدرس في بعض المعاهد الإسرائيلية العسكرية لضمان عدم تكرارها!
وهكذا .. بدأت رحلة السجن و الأسر الطويلة القاسية , و التي ناهزت الآن نصف عمر العجلوني, قضاها صابرا ً و لكن في ميادين جديدة أبرزها: العلم و الغربة و المرض , فهو كما يقول بنفسه رهبن المحابس الثلاثة: الأسر و الغربة و المرض , أما جهاده في سبيل العلم فقد ابتدأ بدراسته للتوجيهي في السجن , و حصوله على معدل أهله للانتساب للجامعة , لكن السلطات الصهيونية رفضت انتسابه لجامعة القدس المفتوحة , مما اضطره لإكمال دراسته في جامعة تل أبيب العبرية عن طريق المراسلة و قد نبغت عبقريته أثناء دراسته فقد كانت الجامعة تبعث يهودا ً من الأساتذة المختصين لمناقشته فيناقشهم و يلزمهم الحجة و لقد تمكن من الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية و العلاقات الدولية بامتياز , و عندما باشر بدراسة الماجستير الأنظمة السياسية /ديموقراطيات , منع من ذلك بحجة واهية. أما عذاب الأسر .. فقد وصفه سلطان بقوله: (هو قبر .. نعم كالقبر) , و لقد تنقل سلطان بين عدة سجون خلال سنوات أسره الطويلة المريرة و هو إجراء يتخذه الصهاينة إمعانا ً في التعذيب النفسي لمنع الأسرى من الاستقرار و إنشاء صلات بين بعضهم البعض , و هو أيضا ً إجراء عقابي قد يتخذ دون مبرر!
و من السجون التي قبع فيها: عسقلان , نفحة , الرملة , مستشفى سجن الرملة ,بئر السبع , و أخيرا ً قسم العزل في معتقل هداريم و الذي ما زال فيه حتى الآن.
أما عن مرضه فقد ابتلي في السنة الخامسة من أسره بمرض التهاب الأمعاء المزمن , و ما زال يعاني منه حتى الآن , و إن كان لم يشكل بالنسبة له أي عائق عن اهتماماته و نشاطاته و هواياته المتنوعة المختلفة , كما معروف بمواهبه و ميوله الرياضية , إذ يقضي ما لا يقل عن ساعة يوميا ً في أداء التمارين و الجري وحمل الحديد و لعبة الكرة الطائرة , و ليس هذا كل شيء ... إذ أن أهم مواهب سلطان تتجلى في الكتابة و " التأليف" , و قد أنهى حتى الآن تأليف كتابين، أحدهما: "السهل الممتع" مختارات من الشعر العربي , و الثاني" إضافات: عوائق في وجه النهضة" حول بعض الأبواب الخفية للهزيمة و التبعية لكنهما لم ينشرا بعد , كما أن للعجلوني زاوية ثابتة بعنوان:" من خلف القضبان" في صحيفة السبيل الأسبوعية الأردنية , إلا أن ظروف الأسر تمنعه أحيانا ً من مواصلة الكتابة فيها كما حدث مؤخرا ً , إذ تشهد السجون و المعتقلات الإسرائيلية هجمة شرسة و إجراءات مشددة قاسية، تهدف إلى النيل من معنويات الأسرى و تعذيبهم و أهليهم , وقد تركزت هذه الحملة مع اندلاع انتفاضة الأقصى و تصاعدت حدتها مؤخرا ًحتى ذكر بعض قدامى الأسرى أنهم لم يشهدوا لها مثيلا ً!
يعاني الأسرى الأردنيون و منهم سلطان ما يعانيه إخوانهم الفلسطينيون و ربما أكثر في بعض الأحيان , فقد استؤنفت زيارات الأهالي مؤخرا ً للمعتقلين الفلسطينيين , بينما لم يحظ إخوانهم الأردنيون بأي زيارة منذ خمس سنوات، أويزيد! و إذا كان المعتقل الفلسطيني يحظى بزيارة كل أسبوعين- لأقارب الدرجة الأولى فقط- فإن الأسير الأردني لم يحظ إلا بزيارات معدودة على مدى سنوات أسره الطويلة التي تزيد على عقد من الزمان , فقد كانت أول زيارة للأسير العجلوني بعد سنتين من أسره أي في العام 1992م , ثم كانت بعدها زيارات معدودة على مدى سنوات كان آخرها في العام 2000م , لكن الأسير العجلوني –و كما جميع الأسرى العرب- تبنته عائلة فلسطينية من القدس تعرفت إليه من خلال أبنائها الأسرى منذ اعتقاله و ظلت تزوره من ذلك الحين و إلى الآن دون كلل أو ملل، مجسدة صورة حية للأخوة والتلاحم بين الشعبين المرابطين الشقيقين قصة الأسير المجاهد سلطان العجلوني قد تكون قصة فريدة , لكنها ليست الوحيدة فهناك آلاف القصص للأسرى الأبطال القابعين في سجون الاحتلال الصهيوني , و هي أيضا ً قصة مفتوحة .. ما زالت فصولها تتوالى بانتظار النهاية السعيدة و التي نسأل الله أن تكون قريبة لجميع الأسرى و المعتقلين الأبطال ...
وتم الإفراج عنه في العام المنصرم ..
ـ[بل الصدى]ــــــــ[13 - 01 - 2009, 10:55 م]ـ
بارك الله فيك يا أخانا الكريم
ـ[معالي]ــــــــ[14 - 01 - 2009, 03:53 ص]ـ
موضوع مؤثر جدًا!
ـ[أنوار]ــــــــ[14 - 01 - 2009, 04:37 ص]ـ
دمتِ متميزة ... عزيزتي بل الصدى .. وفقكِ الله
أجزل الله لك أجراً أستاذ رعد أزرق ...
اللهم غزة ... اللهم أيدهم بنصرك ...
¥