تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويحاول أحد شيوخهم في تمثيلية مكشوفة أن يلقي شبهة مجملة، فيقول بأن عبد الكريم بن أبي العوجاء، وهو وضاع مشهور، قد وضع كذا وكذا ألف حديث موضوع فحديثكم غير منقح يا أهل السنة، رغم أن أهل السنة وعلماءهم يعرفون ما يقولوه جيدا، فقد نخلوا حديثه نخلا، فقد عاش الجهابذة لأحاديثه وأحاديث أمثاله، كما قال الرشيد، رحمه الله، لأحد الزنادقة، لما أراد أن يشكك المسلمين فيما بين أيديهم من أحاديث، محتجا بوضعه 4000 حديث موضوع، فانبرى له الرشيد، رحمه الله، قائلا: "أين أنت يا زنديق من عبد الله بن المبارك وأبي إسحاق الفزاري ينخلانها نخلا فيخرجانها حرفا حرفا". اهـ

"تذكرة الحفاظ"، (1/ 273)، نقلا عن حجية السنة وتاريخها ص221.

فلم لم يذكر ذلك الشيخ المعمم، بقية القول، فأخذ أوله ليشكك أهل السنة في سنتهم، وأعرض عن آخره الذي يكشف زيف استدلاله، إذ تصدى أهل السنة لما يزعم دسه في كتبهم وأخرجوه حرفا حرفا، بينما يردد هو في تسجيلاته الأحاديث الموضوعة والضعيفة باستمرار كأي مقلد لا يملك آلة الاجتهاد لتمحيص ما يردده من آثار، ثم يرمي أهل السنة بداء الوضع والكذب الذي تفشى في كتبهم ومجتمعاتهم حتى صار دينا يتعبد به تحت مسمى "التقية"، التي تظهر حقيقتها عند تمكنهم من أهل السنة كما هو الحال في العراق الحبيب اليوم.

ومع ذلك يلجأ بعضهم إلى الاستدلال بما يوافق هواه من كتب أهل السنة، مصداقا لقول عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: (أهل السنة يكتبون ما لهم وما عليهم وأهل البدعة لا يكتبون إلا ما لهم)، ومشكلة القوم بل ومشكلتنا نحن في كثير من الأحيان أننا نقيس رواة وعلماء تلك القرون المفضلة على علماء زماننا الذين يتطلعون بفارغ الصبر إلى موعد استلام رواتبهم، ولا يجهرون بكلمة الحق خوفا على مقاعدهم الوثيرة، وما أفسده من قياس، إذ كيف يقاس إمام، رحل إلى مشارق الأرض ومغاربها لجمع سنة النبي صلى الله عليه وسلم بآخر جالس في مكتب مكيف ينفذ ما يؤمر به صاغرا خشية تأخير صرف الراتب الشهري،؟!!!، ويتعدى القياس إلى الحكام، وهو مردود، فحكام ذلك الزمان، وإن كانوا غير معصومين، وإن وقع بعضهم في المظالم، إلا أنهم كانوا مخلصين لهذا الدين قامعين لأي بدعة تضاده، غزاة فاتحين، ولائهم الأول لدينهم، وإن تسللت الدنيا إلى قلوب بعضهم، خلاف حكام هذا الزمان الذين يوالون ويعادون على كراسيهم، فالكرسي أولا، وإن ضاع الدين من أجله، وشتان الأولون والآخرون!!!

والحديث، كما تقدم، لا حجة لهم فيه على مذهبهم الباطل في الأئمة وإنما هي شبهة استغلوها لترويج مذهبهم على عوام المسلمين، فمسلم، رحمه الله، أورد لهذا الحديث أربعة طرق في "باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه"، صحيح مسلم بشرح النووي (15/ 248_259)، طبعة مؤسسة قرطبة، أولها الطريق الذي فيه ذكر من حرم عليهم الصدقة من: آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، ثم أتبعها بطريقين لنفس المروية، ثم ذكر الرواية التي فيها نفي أن تكون المرأة من آل بيت الرجل، وهي الرواية التي ذكرها ابن كثير ثانيا، ورجح الأولى عليها، والرواية الأولى لم تقصر آل البيت على علي وفاطمة وذريتهما، رضي الله عنهم، وإنما أدخلت: آل عقيل، وآل جعفر وآل عباس، فما بال القوم يقصرونها على آل علي فقط، إن لازم استدلالهم بهذا الحديث أن يعترفوا بخلافة بني العباس، لأنهم، بنص هذا الحديث الذي استدلوا به، من آل البيت، وطاعة آل البيت واجبة، فهل يعترف بها القوم أم يصبون لعناتهم على خلفاء بني العباس كالمنصور والرشيد رحمهما الله.

وأما الرواية الثانية التي فيها نفي أن تكون المرأة من آل بيت الرجل، ففيها يقول النووي رحمه الله:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير