تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءًا، فإنه أنشط في العَوْد)، رواه مسلم.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (لو أن أحدهم قال حين يواقع أهله: بسم الله، اللهم جنبني الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد، لم يضره الشيطان)

وقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا أتى أحدكم أهله فليلق على عجزه وعجزها شيئا، ولا يتجردا تجرد العيرين)، وهو حديث متكلم فيه لضعف صدقة بن عبد الله، أحد رواته.

فالأهل هنا: الزوجة، لأن الإتيان المقصود في هذه الأحاديث لا يتصور إلا في حق الحلائل من الزوجات أو الإماء، والأصل في الإتيان أن يكون للزوجة، والله أعلم.

ولو دخل آل البيت فيها، وهم جديرون بذلك، فلا يعني هذا إثبات العصمة لهم، وذلك من جهتين:

الجهة الأولى: أن الإرادة هنا، إرادة شرعية، لا قدرية تكوينية، كما زعم القوم زورا وبهتانا، بمعنى: أن الله، عز وجل، يريد منهم، وهم كغيرهم من البشر سوى الأنبياء غير معصومين، يريد منهم أن يتطهروا بفعل المأمورات واجتناب المحظورات، فالآية تكليف شرعي، لا أمر قدري كوني، كتكليف المسلمين بالصلاة، لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، فتزكى بها النفوس وتطهر، طهارة مترتبة على امتثال الأمر الشرعي، لا طهارة قدرية كونية، بدليل أن من قصر في أداءها قلت طهارة نفسه تبعا لمقدار تقصيره، فكذا الآية، سواء كان الخطاب موجها فيها لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم أو لآل البيت، رضوان الله عليهم، فهي آية تكليف شرعي لا تقدير كوني، فمثلها مثل قوله تعالى:

(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، فالله، عز وجل، يريد بهذه الأمة اليسر ولا يريد بها العسر، شرعا لا كونا، بدليل أن من الأمة من أراد الله به العسر، كونا لا شرعا، كالمتنطعين الذين شددوا على أنفسهم وغلوا في أمر دينهم فوقعوا في الحرج، وهم صنف موجود في كل أمة من الأمم، بما فيها أمة المسلمين، فلو كانت الإرادة في الآية قدرية كونية، لما جاز أن تتخلف في حق فرد واحد من أفراد هذه الأمة، فكيف وقد تخلفت في حق أفراد وجماعات من هذه الأمة ردت رخص الله، عز وجل، وشددت على نفسها، فوقعت في العسر والحرج، كما تقدم؟، إن هذا يدل بلا شك على أن الإرادة المعنية في الآية هي الإرادة الشرعية، التي يأمر الله، عز وجل، بها، ولا يلزم من أمره بها، من جهة الشرع أن تقع، فالله، عز وجل، أراد من كل البشر الإيمان، وأمرهم به شرعا لا كونا، فكفر كثير من الناس، بل قل: كفر أكثر الناس، ولا يقدح ذلك في ملك الله، عز وجل، وهيمنته على أقدار عباده، إذ قدر على الكافرين كفرهم، كونا لا شرعا، فإن خرجوا عن إرادته الشرعية فأنى لهم الخروج عن إرادته القدرية الكونية، وهم إنما يتقلبون في أقداره، ولو شاء أن يحول قلوبهم عن الكفر إلى الإيمان لآمنوا، ولو كانوا أعظم أهل الأرض كفرا؟، وكما سبق لا يكون القدح في هيمنة الله، عز وجل، على أقدار عباده، إلا بالقول بأن بعض العباد يمكنهم الخروج عن إرادته الكونية، وهذا غير ممكن، وأما الخروج عن الأوامر الشرعية فهو واقع، بل كثير، وعند التحقيق، يؤول الأمر إلى الإرادة القدرية الكونية التي لا مهرب منها، فمن قدر الله، عز وجل، عليه الكفر، كونا، لن يهتدي ولو اهتدى من في الأرض جميعا، والله أعلم.

وكذا قوله تعالى: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)، وقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ)، فالإرادة هنا، أيضا، شرعية، بدليل عدم التوبة وعدم التخفيف في حق البعض، والله أعلم.

والجهة الأخرى:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير