تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

o وكذا فعل النقاد مع رواية سعيد بن المسيب عن عمر، فسعيد، وإن لم نقطع بسماعه كل ما يرويه عن عمر إلا أنه احتفت بروايته عنه قرائن رجحت قبولها: كجمع سعيد لمرويات عمر وأقضيته، حتى سمي "راوية عمر"، بل إن ابن عمر، رضي الله عنهما، كان يرسل إليه ليسأله عن فتاوى أبيه، أضف إلى ذلك أن النقاد قد سبروا مراسيل سعيد بن المسيب، رحمه الله، فوجدوها صحاحا، كما نص على ذلك أحمد وابن معين، رحمها الله، فإذا كان هذا حال روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لم يدركه، فكيف بمن أدركه؟!!! لا شك أن احتمال القبول سيكون أقوى وأرجح.

وتلا ذلك ظهور المصنفات المرتبة في هذا العلم، وكان من أبرزها كتاب "التاريخ الكبير" للبخاري، وهو أول كتاب اعتمد الترتيب الأبجدي لأسماء الرواة المذكورين فيه، وقد فصل الشيخ الدكتور حاتم الشريف، حفظه الله، القول في كتاب التاريخ الكبير، حيث قال بأنه يحوي 4 علوم أساسية:

· أولا: ذكر أسماء الرواة، وهذا هو الهدف الأساسي من تصنيفه.

· ثانيا: الكلام على الرواة جرحا وتعديلا، وإن لم يشمل كل الرجال المذكورين في الكتاب، حيث سكت عن رجال وثقهم في مواضع أخرى، كعلل الترمذي، وآخرين ضعفهم في مواضع أخرى.

· ثالثا: الكلام على بعض علل الأحاديث.

· رابعا: معرفة السماع والإرسال.

وجاء ابن أبي حاتم، رحمه الله، واستخرج من هذا السفر العظيم، 3 مصنفات، بعد أن أضاف إليها إضافات مهمة، وهي:

· أولا: الجرح والتعديل، وقد صدره بمقدمة نفيسة تكلم فيها على مراتب الجرح والتعديل، وأضاف إليه إضافات مهمة من سؤالاته لأبيه، وأبي زرعة رحمهما الله.

· ثانيا: كتاب العلل، وهو مرتب على الأبواب الفقهية.

· ثالثا: المراسيل، وعني فيه ابن أبي حاتم، رحمه الله، بالمرسل بمعناه العام، وهو السقط في أي موضع من السند، خلاف المرسل الاصطلاحي، الذي يقصد به ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم

وتلا ذلك مرحلة ابن حبان رحمه الله، فقد ألف:

· "الثقات": وهو كما يبدو من عنوانه خاص بالرواة الثقات، إلا أنه ذكر فيه عددا كثيرا من المجهولين الذين لا تعرف أحوالهم، وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح وإن كان مجهولا لم يعرف حاله، وقد قال في صفة العدل عنده: (العدل من لم يعرف منه الجرح إذ الجرح ضد العدالة فمن لم يعرف بجرح فهو عدل)، فالعدالة عنده ملازمة للإسلام، لا قدر زائد عليه، خلافا للجمهور، فلا يسلم لتوثيقه قبل البحث والتمحيص، وقد رتب الكتاب الحافظ نور الدين الهيثمي، رحمه الله.

· و"الضعفاء والمجروحين": وهو من اسمه أيضا يدل على مضمونه، وقد أخذ على ابن حبان أنه أعاد فيه ذكر رواة أدخلهم من قبل في "الثقات"، فإما أن يحمل هذا على أنه تغير في الاجتهاد، وإما أنه غفلة وسهو.

وألف محمد بن عمرو بن موسى العجلي، رحمه الله، المتوفى سنة 322 هـ، في الثقات، وجاء من بعده ابن عدي، رحمه الله، فألف كتابه الجامع "الكامل" في الضعفاء، وهو كتاب لم يصنف مثله في بابه، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام، رحمه الله، وقد ذكر فيه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل منذ عصر الصحابة إلى عصره، والملاحظ في هذه المرحلة أن كتب الرجال فيها لم تكن مقيدة بمصنفات معينة، وإنما كانت جامعة لكل الرواة.

ثم جاءت مرحلة عبد الغني بن سعيد المصري المتوفى سنة 409 هـ، وطبقته، ونلاحظ أنه كلما تقدم بنا الزمن، بدأت قدرة الحفاظ على نقد الرجال في الانحدار، فعلى سبيل المثال:

· إذا قارن طالب علم الحديث بين منهجي ابن عدي، رحمه الله، ومنهج أبي أحمد الحاكم، رحمه الله، شيخ "الحاكم صاحب المستدرك"، صاحب "الكنى"، فإنه يجد الأول ناقدا مجتهدا في حكمه على الرجال، بينما الثاني جامع ومحرر لأقوال السابقين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير