تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

· ومرتبة عبد الغني بن سعيد والساجي وابن شاهين وأبو الفتح الأزدي، رحمهم الله، وأمثالهم، ليست كمرتبة ابن معين وأحمد بن حنبل وابن معين وأمثالهم، وهذا أمر يستفاد منه في الترجيح عند تعارض أقوال الأئمة في راو واحد ما بين موثق ومضعف. ومما يستعان به أيضا في هذا الموضع: تقديم كلام المعتدل على المتشدد إن كانا من طبقة واحدة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: قول علي بن المديني: (إذا اجتمع يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي على ترك رجل لم أحدث عنه، فإذا اختلفا أخذت بقول عبد الرحمن لأنه أقصدهما، وكان في يحيى تشدد)، فالقاعدة العامة في ضوء ما تقدم، كما قررها الشيخ عبد الله السعد، حفظه الله، في شرحه لـ (إلزامات الدارقطني) أنه: إذا تعارض إمامان من طبقتين مختلفتين في راو ما قدم كلام الأعلى منهما، وإن كانا من طبقة واحدة قدم كلام المعتدل.

وظهر منهج آخر في التأليف في هذا العلم، وهو التقيد برجال كتاب مخصوص كـ: (رجال البخاري) لأبي نصر الكلاباذي، و (رجال مسلم) لأبي بكر بن منجويه، ورجال الشيخين لأبي الفضل بن طاهر المقدسي، و (رجال أبي داود) لأبي علي الجياني، و (رجال الترمذي) و (رجال النسائي) لجماعة من المغاربة.

وجاء عصر الحافظ عبد الغني المقدسي، رحمه الله، فاتسع نطاق هذا المنهج ليشمل عددا أكبر من المصنفات فألف الحافظ عبد الغني، رحمه الله، في رجال الكتب الستة، "الكمال في معرفة الرجال"، وتبعه الحافظ المزي، فهذب كتابه في "تهذيب الكمال" وألف الذهبي "ميزان الاعتدال في نقد الرجال":

وقد اعتمد فيه بشكل أساسي على كتاب ابن عدي، ورتبه على حروف المعجم حتى في الآباء، ورمز على اسم الرجل لمن أخرج له في كتابه من الأئمة الستة، ولابد هنا من الإشارة إلى شرطه كما ذكره في خطبة الكتاب، نظرا لأهميته، حيث قال: (وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين وبأقل تجريح فلولا أن ابن عدي أو غيره من مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته لثقته ولم أر من الرأي أن أحذف اسم أحد ممن له ذكر بتليين خوفا من أن يتعقب علي، لا أني ذكرته لضعف فيه عندي إلا ما كان في كتاب البخاري وابن عدي وغيرهما من الصحابة فإني أسقطهم لجلالة الصحابة ولا أذكرهم في هذا المصنف فإن الضعف إنما جاء من جهة الرواة إليهم وكذا لا أذكر في كتابي من الأئمة المتبوعين في الفروع أحدا لجلالتهم في الإسلام وعظمتهم في النفوس)، وهو يشبه شرط العقيلي، رحمه الله، في الضعفاء، وعليه يحمل ذكره لبعض الأئمة في كتابه كعلي بن المديني، رحمه الله، فلم يذكره لضعفه عنده، وإنما ذكره لكلام قيل فيه أثناء محنة خلق القرآن، لما أجاب أخذا بالرخصة لا اعتقادا، وقد ترك الإمام أحمد، رحمه الله، الرواية عنه تعزيرا لإجابته في محنة خلق القرآن، لا تكذيبا، فلو كذبه إمام كأحمد، رحمه الله، لترك حديثه، وما يسوغ لإمام كبير كأحمد، رحمه الله، لا يسوغ لمن بعده، فلا يجوز لأحد جاء بعده أن يقول: وأنا أيضا سأعزر ابن المديني بترك الرواية عنه، فلم يقل بهذا أحد من أهل العلم المعتبرين، وإنما قبلوا رواية ابن المديني، رحمه الله، ومن ضعفه منهم أو ذكره في كتب الضعفاء فإنما ذكره لما تقدم من إجابته في المحنة، بل وشدد بعض المتأخرين، كالذهبي، رحمه الله، على من ذكره في الضعفاء ولو من باب ذكر كل من تكلم فيهم بأي كلام، كالعقيلي، رحمه الله، إذ أغلظ له القول، على غير عادته، حمية منه لدين الله عز وجل.

وهذا أمر بالغ الأهمية لأن كثيرا من المنتسبين إلى الفرق الأخرى، كالإمامية، وغيرهم، يتلمس هذه المواضع ليشكك أهل السنة في حملة أحاديثهم، فيقول: فلان الإمام عندكم، ضعفه فلان وفلان من علمائكم، فالأمر ليس على إطلاقه، وإنما يجب النظر في هذا الجرح، هل صدر من قرين له، فيطوى ولا يحكى، كما قرر ذلك الذهبي، رحمه الله، لما علم من التنافر بين الأقران في كل زمان، ثم ينظر هل صدر هذا الجرح من إمام يعتد برأيه، ومن وافقه؟، ومن خالفه؟، ليرجح بين الأقوال، وما جهة الجرح، هل هي متعلقة بالعدالة أم الضبط؟ ......... الخ، من الضوابط، فليس الأمر مجرد نظر في بعض كتب الرجال كـ "تقريب التهذيب" لإصدار حكم نهائي على الراوي، وإنما الأمر يتطلب

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير