· حديث عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه، وقال: (اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حق).
· حديث أبي هريرة، رضي الله عنه: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب.
· وشكا أحد الصحابة قلة حفظه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: استعن على حفظك بيمينك، وفي سند هذا الحديث مقال.
· حديث عبد الله بن عمرو وأنس بن مالك وعبد الله بن عباس، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيدوا العلم بالكتاب، وفي سنده مقال، وقد جمع طرقه وصححه الشيخ الألباني، رحمه الله، في "السلسلة الصحيحة".
· حديث رافع بن خديج، رضي الله عنه، قال: قلنا يا رسول الله، إنا نسمع منك أشياء، أفنكتبها، قال: (اكتبوا ولا حرج)، ونحوه من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا.
· كتاب أبي بكر، رضي الله عنه، لأنس، رضي الله عنه، وفيه الصدقات المفروضة، وهو كتاب شهير رواه البخاري، رحمه الله.
· كتاب عمر، رضي الله عنه، لأبي موسى الأشعري، في القضاء، وهو كتاب جليل في آداب القضاء.
· حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي قال: قلت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: (العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر).
· وقد بوب البخاري، رحمه الله، في صحيحه: "باب كتابة العلم"، وعلق الحافظ، رحمه الله، في "الفتح" بقوله: "طريقة البخاري في الأحكام التي يقع فيها الاختلاف أن لا يجزم فيها بشيء، بل يوردها على الاحتمال، وهذه الترجمة من ذلك، لأن السلف اختلفوا في ذلك عملا وتركا، وإن كان الأمر استقر والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم".
ومن العجيب أن بعض الكتاب عندنا في مصر نقل الإجماع على خلاف ذلك، فادعى الإجماع على النهي عن الكتابة، فأي إجماع نصدق؟، إجماعا نقله حافظ الدنيا في وقته، ابن حجر العسقلاني، رحمه الله، أم إجماعا ادعاه كاتب غير متخصص على صفحات الجرائد؟!!!!
وقد وردت الكتابة أو الأمر بها عن جماعة من الصحابة منهم: أبو بكر وعمر وعلي والحسن بن علي وعبد الله بن عباس وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وأبو أمامة الباهلي ومعاوية والمغيرة بن شعبة وعائشة وعبد الله بن مسعود وأبو هريرة والبراء بن عازب وأسماء بنت عميس وسبيعة السلمية، رضوان الله عليهم جميعا، وغيرهم.
قال الحافظ، رحمه الله، في "الفتح": "قال العلماء: كره جماعة من الصحابة والنابعين كتابة الحديث، واستحبوا أن يؤخذ عنهم حفظا كما أخذوا حفظا، لكن لما قصرت الهمم وخشي الأئمة ضياع العلم دونوه، وأول من دون الحديث ابن شهاب الزهري على رأس المائة بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فالله الحمد".
ولا شك أن أدلة الإذن أكثر وأرجح، ورغم ذلك، فقد سلك العلماء مذهب الجمع بين أحاديث النهي وأحاديث الإذن، لأن إعمال الأدلة جميعها، أولى من إهدار بعضها، ومما قيل في هذا الشأن:
· أن أحاديث النهي متعلقة بمن لا يخاف النسيان، خشية أن يتكل على الكتابة فيضعف حفظه، وهذا مما ينزل من مرتبته، لأن حفظ الصدر، كما قرر علماء الأصول، أرجح من حفظ الكتاب، وأما أحاديث الإذن، فهي متعلقة بسيئ الحفظ، مخافة أن ينسى شيئا مما سمعه.
¥