تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

· ومنها أيضا كلام نفيس له عن تدليس الراوي عن شيخ اشتهر بالرواية عنه، نقله الخطيب، رحمه الله، في "الكفاية" ص412، ونصه: (إن كان رجل معروفا بصحبة رجل، والسماع منه، مثل ابن جريج، عن عطاء، أو هشام بن عروة، عن أبيه، وعمرو بن دينار عن عبيد بن عمير، ومن كان مثل هؤلاء في ثقتهم، ممن يكون الغالب عليه السماع ممن حدث عنه، فأدرك عليه أنه أدخل بينه وبين من حدث رجلا غير مسمى، أو أسقطه، ما أدرك عليه في هذا فيكون مثل المقطوع به)، والمقطوع هنا هو "المنقطع" الاصطلاحي، لأن الاصطلاح لم يكن قد استقر بعد في زمن الحميدي. اهـ. بتصرف من "نزهة النظر"، نسخة الشيخ عمرو عبد المنعم حفظه الله، ص88.

وجاء بعد ذلك، مسلم وأبو داود والترمذي، فكتبوا في مسائل هذا العلم، فالأول أفرد مقدمة صحيحه لمسائل جليلة في المصطلح، وإن لم يستوعب، والثاني، كتب رسالته الشهيرة لأهل مكة، يشرح لهم فيها منهجه في كتاب السنن، وقد تطرق فيها لمسائل اصطلاحية، كوصفه أحاديث كتابه بأنها مشاهير، وقوله بأن ما سكت عنه فهو صالح (إما للاحتجاج أو الاعتبار) ..... الخ، والثالث أفردها بكتاب "العلل الصغير"، في آخر جامعه.

وجاء من بعدهم الخطابي، رحمه الله، المتوفى سنة 388 هـ، فتكلم في مسائل، لعل من أشهرها كلامه في تعريف الحديث الصحيح والحسن، ولكنه لم يفردها بمصنف مستقل.

وظهر في نفس الفترة، أول مصنف جامع لمسائل علم المصطلح، وهو كتاب "المحدث الفاصل بين الراوي والواعي"، للقاضي أبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي، رحمه الله، المتوفى سنة 360 هـ، ولكنه رغم ذلك، لم يستوف كل مسائل المصطلح، وهذا شأن من يفتتح التصنيف في أي فن أو علم غالبا. بتصرف من "تيسير مصطلح الحديث" للدكتور محمود الطحان ص11.

ومن طريف ما يروى عن الرامهرمزي، رحمه الله، وقد عاش في عصر بدأ فيه اهتمام الناس بعلوم الرواية يقل، أنه قال يصف حال عصره:

قل لابن خلاد إذا جئته ******* مستندا في المسجد الجامع

هذا زمان لا يحظى به ******* حدثنا الأعمش عن نافع.

وتلا الرامهرمزي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، رحمه الله، المتوفى سنة 405 هـ، صاحب المستدرك، فصنف "معرفة علوم الحديث"، وكان هذا الكتاب بمثابة الذيل على كتاب "المحدث الفاصل"، لأته اهتم بتحرير مسائل أغفلها الرامهرمزي، كالمصطلحات الحديثية (من صحة وحسن وضعف ..... الخ)، ورغم ذلك لم يهذب الحاكم أبحاث كتابه، ولم يرتبها الترتيب الفني المناسب.

وجاء أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، رحمه الله، المتوفى سنة 430 هـ، فعمل مستخرجا على "معرفة علوم الحديث"، استدرك فيه على الحاكم ما فاته من قواعد هذا الفن، لكنه ترك أشياء يمكن للمتعقب أن يستدركها عليه أيضا، فإلى الآن الجهود تكميلية، إذ يأتي كل مصنف بزيادات على سابقه، وهذه طبيعة التصنيف في مراحله الأولى.

ثم جاء أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي، رحمه الله، المتوفى سنة 463 هـ، حافظ المشرق، صاحب "تاريخ بغداد"، و "الكفاية"، فكان فارس الحلبة بلا منازع، حيث صنف "الكفاية في علم الرواية"، وهو كتاب حافل بتحرير مسائل هذا الفن، وبيان قواعد الرواية، ويعتبر من أجل مصادر هذا العلم، و "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع"، وهو كتاب يبحث في آداب الرواية كما هو واضح من تسميته، وهو فريد في بابه.

وصنف الخطيب أيضا، في شتى فنون هذا العلم، تصانيف مستقلة، من أهمها: "التفصيل لمبهم المراسيل" و "المزيد في متصل الأسانيد" وصنف في "رواية الآباء عن الأبناء"، وأفرد جزءا لطيفا في "رواية الصحابة عن التابعين"، و "إجازة المجهول والمعدوم وتعليقهما بشرط"، و "تلخيص المتشابه"، وهو كتاب في أسماء الرجال المتشابهة، وله ذيل في "المؤتلف والمختلف"، فهي كما يرى الناظر مسائل اصطلاحية دقيقة، ومع ذلك أفردها الخطيب بالتصنيف، فكان المحدثون بعده عيالا على كتبه، كما ذكر ذلك الحافظ أبو بكر بن نقطة رحمه الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير