تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 09 - 2006, 05:47 م]ـ

بسم الله

السلام عليكم

ومع العصر الذهبي للسنة النبوية:

وهي مرحلة سيطول الكلام فيها، إن شاء الله، بعض الشيء لأهميتها، باعتبارها واسطة عقد هذه الفوائد:

فقد عرفنا أن أئمة المرحلة الماضية، كان همهم الأول، هو الجمع دون تمحيص المرويات التمحيص الكافي، وإن كان هذا لا يعني أنهم كانوا لا يميزون بين الصحيح والضعيف، بل كانوا حفاظا اكتملت عندهم آلة الاجتهاد، ولكنهم لم يشترطوا الصحة في جمعهم، لأن اشتراط الصحة في مرحلة الجمع، وهو ما يعبر عنه بـ "انتخاب الصحيح"، قد يؤدي لضياع مرويات كثيرة فالتمحيص يستغرق زمنا قد يؤدي لفوات السماع من عدد كبير من الشيوخ، وعليه يحمل:

· قول عبد الله بن المبارك رحمه الله: "ما انتخبت على عالم قط إلا ندمت"، لأنه عاش في مرحلة جمع المرويات، حيث توفي سنة 181 هـ.

· وقول القائل: "سيندم المنتخب"، بمعنى أنه سيندم لأنه بانتخابه في مرحلة طلب الحديث سيفوته السماع من عدد كبير من الشيوخ.

· وقول أبي حاتم الرازي رحمه الله: "إذا كتبت فقمش، وإذا حدثت ففتش".

والقمش: هو جمع الشيء من هنا ومن هنا. قال العراقي: كأنه أراد: اكتب الفائدة ممن سمعتها، ولا تؤخرها حتى تنظر هل هو أهل للأخذ عنه أم لا؟ فربما فات ذلك بموته أو سفره أو غير ذلك، فإذا كان وقت الرواية أو العمل ففتش حينئذ.

· وصنيع مسلم، رحمه الله، حيث رحل في طلب الحديث، ثم استقر في بلده لما أراد تصنيف الصحيح، وكانت أصوله حاضرة معه، فجمع وقمش، ولما أراد أن يصنف في الصحيح، دقق وفتش.

ولما أكمل أئمة الدور السابق، مهمة الجمع، بقي على أئمة هذا الدور مهمة تجريد الأحاديث المرفوعة من الفتاوى وأقوال الصحابة والتابعين، والأحاديث الصحيحة، أو أحاديث الأحكام التي يحتج بها في الحلال والحرام في مصنفات مستقلة.

ومن هنا يظهر أن دور علماء هذه المرحلة ركز بشكل أساسي على:

· أولا: تجريد الأحاديث المرفوعة، والصحاح، والأحكام، كما تقدم.

· ثانيا: ترتيب هذه الأحاديث لأن أئمة الأدوار السابقة لم يعنوا بشكل كبير بمسألة الترتيب، فجاء ترتيبهم، كما هو الحال في المسانيد المرتبة على أسماء الصحابة، رضي الله عنهم، صعب المراس، لأن الإمام أحمد، رحمه الله، على سبيل المثال، لم يرتب كتابه على الترتيب الأبجدي المعروف، وإنما بدأ بالعشرة المبشرين، ثم بقية الصحابة بحسب الأفضلية أو البلاد التي نزلوها أو القبائل التي ينتسبون إليها، ولك أن تتخيل صعوبة البحث في المسند إذا ما جهل الباحث اسم الصحابي الذي يروي الحديث، ولم يكن ذا دراية كافية بترتيب المسند.

وقد انتهج أئمة هذا الدور طريقتين أساسيتين للتصنيف:

· أولا: طريقة الجوامع: وقد عرف المحدثون الجوامع بأنها الكتب المرتبة على الأبواب مع شمولها جميع موضوعات الدين الأساسية، وقد اصطلحوا على أنها ثمانية: العقائد، والأحكام، والسير، والآداب، والتفسير، والفتن، وأشراط الساعة، والمناقب، وعلى هذا النهج سار الأئمة الذين عنوا بتجريد الصحاح كالبخاري ومسلم، ومن بعدهما ابن خزيمة وابن حبان، وإن كان الأخيران لم يوفيا بشرط الصحيح، لوقوع بعض التساهل منهما في الرواية عن بعض المجاهيل، على تفصيل يأتي في موضعه إن شاء الله.

· ثانيا: طريقة السنن: وهي الكتب الحديثية المرتبة على الأبواب الفقهية بحيث لا تشتمل إلا على الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هذا أمر أغلبي، لأن الناظر في بعض كتب السنن، كسنن الترمذي، على سبيل المثال: يجد أنه أدخل في كتابه أحاديث في الترغيب والترهيب، ولا شك في أنه لا علاقة مباشرة بينها وبين الأحكام، وإن كان الكل مندرجا في الحض على عمل الطاعات والتحذير من ارتكاب المعاصي وبيان صفاتهما وحدودهما الشرعية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير