تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

· العلو في السند: وهو الهدف الرئيسي للمستخرج، وهذا مما يؤكد على سمة هذه المرحلة، فهي مرحلة ما بعد الجمع كما تقدم، وعليه فإن الهم ينصرف إلى خدمة الكتب الموجودة، فالمستخرج يرى أمامه جمعا من الأحاديث الصحيحة الثابتة، فيحاول تخريجها بطرقه، وهو مطمئن لثبوت الحديث، فلا مانع أن يخف شرطه في الرجال في طريقه، ليعلو بسنده، فهمه الأول العلو، وإن خالف شرط المصنف الأصلي حتى موضع التقائهما، وهذا مما يستدعي النظر في إطلاق قبول زيادات المستخرج مطلقا، وهو ما قرره العراقي في الألفية بقوله:

وما يزيد فاحكمن بصحته ******* فهو مع العلو من فائدته.

فقد تعقبه الحافظ بقوله: (هذا مسلم في الرجل الذي التقى فيه إسناد المستخرج وإسناد المصنف وفيمن بعده وأما من بين المستخرج وبين ذلك الرجل فيحتاج إلى نقد لأن المستخرج لم يلتزم الصحة في ذلك وإنما جل قصده العلو فإن حصل وقع على غرضه فإن كان مع ذلك صحيحا أو فيه زيادة فزيادة حسن حصلت اتفاقا وإلا فليس ذلك همته). نقلا عن الحديث والمحدثون ص407.

ومن فوائدها أيضا:

· الزيادات كما تقدم، سواء كانت في السند أو المتن، فإذا ما ثبتت صحتها، فهي فوائد مقبولة

وينبغي هنا التفرقة بين زيادة جزء من حديث أصله في الكتاب الأصلي، وزيادة حديث بأكمله، كما وقع في مستخرج أبي عوانة، رحمه الله، ففيه أحاديث كثيرة زائدة على أصله، فالأول عرفنا كيفية التعامل معه، حيث يخضع جزء السند الذي ينفرد به المستخرج، حتى موضع التقائه بالمصنف للنقد، أما الثاني فيخضع السند بأكمله للنقد، فقد يكون صحيحا أو حسنا أو ضعيفا فهو حديث مستقل بتمامه يحكم عليه كأي حديث.

وعليه فإن عزو ألفاظ المستخرج إلى الكتاب الأصلي، دون مقابلة بينهما للتأكد من تطابق الألفاظ، خطأ، وهذا ما قرره العراقي بقوله:

واجتنب عزوك ألفاظ المتون لهما ******* إذ خالفت لفظا ومعنى ربما

ويعني بـ "لهما": البخاري ومسلم لأن جل الكتب المستخرجة كانت على كتابيهما، وإن استخرج بعض العلماء على كتب أخرى: كمحمد بن عبد الملك بن أيمن الذي استخرج على سنن أبي داود وأبو علي الطوسي الذي استخرج على جامع الترمذي، وأبو نعيم الذي استخرج على معرفة علوم الحديث للحاكم، وكتاب التوحيد لابن خزيمة، بل إن كتاب التوحيد نفسه، يعتبر مستخرجا على الكتب الستة، لأن الأحاديث التي اشترك ابن خزيمة مع أصحاب الكتب الستة في إخراجها، أخرجها من غير طريقهم، وهذا هو مفهوم الاستخراج كما تقدم.

· وطريق المستخرج تعمل عمل المتابعة في تقوية الحديث الأصلي، كما قرر ذلك ابن الصلاح، رحمه الله، إن كانت طريقا صالحة للاعتبار، وربما ساق المستخرج له طرقا أخرى إلى الصحابي بعد فراغه من استخراجه كما يصنع أبو عوانة في مستخرجه على مسلم.

· وطريق المستخرج يفيد في حالة إذا ما كان في طريق الحديث في المصنف الأصلي مختلط أو مدلس أو مبهم، فجاء المستخرج بطريق فيه إثبات السماع من المختلط قبل اختلاطه، أو تصريح المدلس بالتحديث أو تسمية المبهم فيزول الإشكال.

· وبشكل عام كما يقول الحافظ رحمه الله: (وكل علة أعل بها الحديث في أحد الصحيحين وجاءت رواية المستخرج سالمة منها فهي من فوائده وذلك كثير جدا).

ثالثا: المستدركات على الصحيحين:

وهي الكتب التي استدرك أصحابها على الشيخين ما لم يخرجاه مما هو على شرطهما، وهذا النوع من التصنيف يوضح لنا أيضا طبيعة هذه المرحلة، فلن يستدرك إلا على كتاب موجود وبالتالي يكون عمل المستدرك إتماما لعمل المصنف الأصلي فهو كالزيادات عليه ولكنها زيادات مقيدة بشرط صاحب الكتاب الأصلي، وسبق الكلام على هذه المسألة عند الكلام على صحيحي ابن خزيمة وابن حبان، وسبق القول بأن هذا الاستدراك غير لازم، لأن الشيخين لم يشترطا استيعاب الصحيحين، كما نصا على ذلك.

ولعل أشهر مستدرك موجود بين أيدينا، اليوم، هو "مستدرك الحاكم النيسابوري"، رحمه الله، المتوفى سنة 405 هـ، وقد أخرج في كتابه صنفين من الحديث:

· أولا: ما كان على شرط الشيخين أو شرط أحدهما، ولم يخرجاه، وهو ينبه على ذلك بقوله: هذا على شرط الشيخين، أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير