تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

· ثالثا: المعجم الصغير: وهو في مجلد واحد خرج فيه عن ألف شيخ يقتصر فيه غالبا على حديث واحد عن كل واحد من شيوخه، وهو نحو 1500 حديث بأسانيدها.

ومن الملاحظات المهمة على هذه المعاجم:

· أولا: أن الطبراني، رحمه الله، وإن كان متقدما لحد ما، فقد ولد سنة 260 هـ، وتوفي سنة 360 هـ، إلا أن بعض شيوخه مجاهيل، بل وبعضهم متهم بالكذب، كيحيى بن عبد الرحمن بن عبد الصمد بن شعيب بن إسحاق، قال عنه ابن عدي في الكامل: قال ابن حماد: كان يكذب. وهذا يوضح لنا أنه كلما ابتعدنا عن قرون الرواية، كلما خفت شروط التوثيق، فإذا كان هذا في عصر الطبراني رحمه الله، فما بالك بمن أتى بعده من المتأخرين؟!!!. (مستفاد من كلام للشيخ عبد الرحمن السحيم حفظه الله).

· ثانيا: أن الطبراني، رحمه الله، قد علا في أسانيده، لدرجة أن له ثلاثيات (أي أحاديث بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فيها 3 رجال)، ولكنها كلها ضعيفة، ولعل هذا مما شجع كثيرا من الرواة على السماع منه لعلو إسناده.

وظهرت في هذه المرحلة أنواع جديدة من التصنيف، كـ "كتب الآمالي" و "الفوائد"، و "المشيخات": وهي كتب تعنى بالغرائب أو الأحاديث ذوات الإسناد العالي، فالأسانيد العالية مطلب لكل محدث، لا سيما في هذه المرحلة التي عرفت فيها طرق الأحاديث المشهورة، كما تقدم، فمن كان عنده طريق أعلى منها فهو مقدم لا شك، وإن كانت هذه الطرق، كما تقدم، مظنة الخطأ، وصدق القائل: (إذا سمعت العلماء يقولون: هذا حديث فائدة فاعلم أنه باطل)، لأنه غريب، والغريب دوما مظنة الخطأ، فما بالك في هذه الأعصار المتأخرة بعد استكمال التدوين؟!!!.

وظهرت أهمية الانتخاب في هذا العصر، خلاف عصور الجمع والتدوين، حيث أن همة المحدث لن تنصرف لسماع حديث مشهور، طريقه معروف مدون، وإنما ستنصرف لسماع حديث غريب لم يسمعه من قبل، لذا فإنه يركز على انتخاب أحاديث الشيخ الذي يروي عنه، بحيث لا يروي عنه حديثا سمعه من قبل، فما الفائدة في تكرار سماع حديث معروف؟، ومن الأمثلة على ذلك انتخاب ابن مردويه، رحمه الله، على شيخه أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني رحمه الله.

وتبلور في هذه المرحلة "علم العلل":

حيث بدأ هذا العلم في الظهور في المرحلة السابقة، على يد الإمام علي بن المديني، رحمه الله، المتوفى سنة 234 هـ، الذي صنف "العلل"، ثم ظهر مفرقا في مصنفات بعض الأئمة، وخاصة النسائي، الذي عد من أئمة هذا الفن وكلامه في "السنن الكبرى" خير شاهد على ذلك، بل إن طريقته في ذكر طرق الحديث لينبه بالصحيح منها على المعلول مما يؤكد جلالته في هذا الشأن.

ثم وصل هذا العلم إلى ذروته، في هذه المرحلة، على يد الحافظ الدارقطني، رحمه الله، الذي صنف "العلل"، إملاء على تلميذه أبي بكر البرقاني، وهذا مما يدل على أن الحفظ، وإن ضعف في هذه المرحلة، إلا أنه بقيت بقية من الأئمة الحفاظ الذين استوعبوا طرق الأحاديث حفظا، وأوتوا مع ذلك آلة الاجتهاد المطلق في الحكم على الأحاديث.

وملاحظة أخرى على علماء هذه المرحلة: وهي أن علم الكلام بما فيه من دخل لم يؤثر على مناهجهم العلمية، وكلامهم شاهد على ذلك، ومنه تصريح الدارقطني، رحمه الله، ببغضه الشديد لعلم الكلام، وإلى ذلك أشار الذهبي، رحمه الله، في "السير"، بقوله: وصح عن الدارقطني أنه قال: ما شئ أبغض إلي من علم الكلام.

قلت (أي الذهبي رحمه الله): لم يدخل الرجل أبدا في علم الكلام ولا الجدال، ولا خاض في ذلك، بل كان سلفيا، سمع هذا القول منه أبو عبد الرحمن السلمي.

بخلاف أئمة المرحلة التالية، الذين تأثروا بعلم الكلام وظهرت آثاره في كلامهم، لا سيما الخطيب البغدادي، رحمه الله، كما سيأتي إن شاء الله.

ومن الملاحظ في هذه المرحلة، أن قدرة الحفاظ على نقد المرويات قد تناقصت إلى حد كبير، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

منهج الحاكم، رحمه الله، (وهو معدود من المتساهلين)، في مقابل منهج ابن حزم، رحمه الله، (وهو معدود من المتشددين)، وقد علق ابن القيم، رحمه الله، على هذه المسألة، بكلام متين، قال فيه:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير