يتبع إن شاء الله
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 09 - 2006, 06:12 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم
مرحلة القرن السادس الهجري، وما تلاه:
وقد تميزت هذه المرحلة بظهور الكتب التي انتقت أحاديث من كتب أخرى، وقد اختار منها الشيخ الدكتور حاتم الشريف، حفظه الله، كتاب "المختارة" للحافظ محمد بن عبد الواحد الضياء المقدسي، رحمه الله، كمثال تتضح من خلاله جهود أئمة هذه المرحلة:
فقد اشترط الضياء، رحمه الله، إخراج الأحاديث الصحيحة الزائدة على الصحيحين، ولم يخرج شيئا من الصحيحين، سوى المعلقات، إن صحت، لأنها ليست على شرط الشيخين، فلا يصح أن يقال بأنهما أخرجاها كأصول يحتج بها، وإن كان ورودها في كتاب اشترط مصنفه الصحة مما يقوي حالها، فعمل الضياء في كتابه هو:
جمع الزوائد على الصحيحين، ولكن هل اشترط الضياء فيما زاده على الصحيحين، الصحة في نفس الأمر، بمعنى عدم العلة والشذوذ، أم أنه اكتفى بنقل تصحيحات من سبقه، مع حكمه على ظاهر الإسناد فيما لم يجد فيه حكما لأحد المتقدمين؟
الواقع يشهد للثاني، حيث اعتمد الضياء، رحمه الله، على تصحيحات من سبقه، و حكم على ظاهر الإسناد فيما لم يجد فيه حكما لأحد المتقدمين، بمعنى أنه لم يبلغ درجة الاجتهاد المطلق التي تمكنه من الحكم على الأحاديث في نفس الأمر، وهو بهذا يمثل حال جيله من العلماء الذين نقصت آلة اجتهادهم، فلم تعد لديهم القدرة على الحكم المطلق على الحديث بالصحة أو الضعف، وإنما اكتفوا بالحكم على ظاهر الإسناد.
وهنا لا بد من بيان حكم العمل بالحديث الذي ظاهره الصحة، لأن هذا يوضح لنا مدى جدوى جهود هذه المرحلة، وما تلاها:
فالأصل في الحديث الذي ظاهر إسناده الصحة، أن يحتج به ما لم تظهر له علة تقدح في صحته، ولعل هذا مما يوجه كلام ابن الصلاح، رحمه الله، في مسألة منع تصحيح المتأخرين، فربما عنى بذلك منعهم من الحكم على الأحاديث بالصحة المطلقة لقصور حفظهم، ولكنه لم يمنع الحكم على ظاهر الأسانيد، وهذا كما سبق لا يلزم منه صحة الحديث في نفس الأمر، ناهيك أن الأحاديث الصحيحة قد اكتمل تدوينها، حتى أن الحافظ، رحمه الله، قرر أنه لا يكاد الناظر يجد حديثا صحيحا لم يسبق إلى الحكم عليه صراحة أو تلميحا، وعليه فإن تصحيح المتأخرين لأحاديث ضعفها المتقدمون، أمر محل نظر، لأن كلام المتقدمين هو المعتبر في هذه المسألة حتى ذهب ابن الصلاح إلى أن آخر من يحق له التصحيح هو الحاكم، رحمه الله، ولا شك أن هذا كلام لا يسلم به على الإطلاق، كما تقدم، وقد خالف ابن الصلاح جمع من الأئمة على رأسهم النووي والعراقي رحمهما الله.
ومن مآثر هذه المرحلة: بداية ظهور المصنفات الخاصة بجمع الأحاديث الموضوعة، وهي من أهم وسائل حفظ السنة، لأنها تنفي خبثها وتبين سقيمها، وقبل هذه المرحلة، لم تكن الأحاديث الموضوعة مفردة بالتصنيف، وإن كانت هناك كتب اهتمت، بجمع الروايات الضعيفة، بشكل عام، ككتاب الكامل لابن عدي، رحمه الله، الذي اهتم فيه بذكر حديث أو أكثر من غرائب أو مناكير من يترجم له، وقد فصل الشيخ الدكتور محمد سعيد رسلان، حفظه الله، القول في أهم هذه المصنفات في محاضراته القيمة عن الوضع وجهود الأئمة في مكافحته، ورتبها تبعا لوفاة مؤلفيها فذكر:
· "تذكرة الموضوعات": لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، رحمه الله، المتوفى سنة 507 هـ، حيث جمع فيه أحاديث كتاب الكامل لابن عدي، ورتبها على حروف المعجم وذيل عليها، كما ذكر ذلك الكتاني.
· "الموضوعات من الأحاديث المرفوعات"، لأبي عبد الله الحسين بن إبراهيم الهمذاني الجوزقاني، رحمه الله، المتوفى سنة 543 هـ، وهو محتو على أحاديث موضوعة وأحاديث واهية.
¥