تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وقوله: {قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} لما جعل الله إبراهيم إمامًا، سأل الله أن تكون الأئمةُ من بعده من ذريته، فأجيب إلى ذلك وأخبر أنه سيكون من ذريته ظالمون، وأنه لا ينالهم عهد الله، ولا يكونون أئمة فلا يقتدى بهم، والدليل على أنه أجيب إلى طَلِبَتِهِ قول الله تعالى في سورة العنكبوت: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [العنكبوت: 27] فكل نبي أرسله الله وكل كتاب أنزله الله بعد إبراهيم ففي ذريته صلوات الله وسلامه عليه".

بل إنه لا يتصور في حق أي مصلح، فضلا عن نبي، فضلا عن أبيهم صلى الله عليه وسلم، أن يطلب الملك الدنيوي لنفسه وذريته من بعده، وقد خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أن يكون ملكا نبيا أو عبدا رسولا فاختار الثانية، كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عند أحمد:

(جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى السماء فإذا ملك مهول، فقال جبريل إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة، فلما نزل قال يا محمد أرسلنا إليك ربك أملكا نبيا يجعلك أم عبدا رسولا؟ قال جبريل: فتواضع لربك يا محمد، قال بل عبدا رسولا).

فالنبوة ليست ملكا يورث، وإنما هي اصطفاء من الله، عز وجل، مصداقا لقوله تعالى: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة"، أي: الذي تركناه صدقة، فـ "ما" موصولة لا نافية، وعائد الصلة، هاء الغائب، محذوف، فتقدير الكلام: "الذي تركناه صدقة"، بل نهي صلى الله عليه وسلم آل محمد عن قبول الصدقة، إذ يقول: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة"، فنزه الله، عز وجل، نبيه صلى الله عليه وسلم، عن أي شبهة تقدح في رسالته، إذ لو كان الأمر ملكا يورث، لساغ لمغرض أن يقول: رجل عظيم شيد ملكا عظيما فضن به، وجعله وراثة في عقبه.

ولذا احتج الصديق، رضي الله عنه، على فاطمة، رضي الله عنها، بحديث: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة)، لما طالبت بميراث أبيها صلى الله عليه وسلم، ومن العجيب أن بعض غلاة الإمامية في العصر الحاضر يدعي أن الصديق، رضي الله عنه، قد وضع هذا الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليمنع فاطمة، رضي الله عنه، ميراث أبيها، فكان الصديق، عنده، أول وضاع في الإسلام!!!!!!، مع أن هذا الرجل الذي منع فاطمة، رضي الله عنها، ميراثها، هو نفسه الذي أنفق ماله كله نصرة لأبيها صلى الله عليه وسلم، ثم بدا له أن يستولي على إرثها في فدك وسهمها من خيبر لما آل إليه الأمر، وقد تكفل أبوها صلى الله عليه وسلم بالذب عن صاحبه، كما في البخاري من حديث أبي الدرداء، رضي الله عنه، وفيه: (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت و قال أبو بكر صدق وواسني بنفسه و ماله فهل أنتم تاركون لي صاحبي فهل أنتم تاركون لي صاحبي)، وما أسهل الدعاوى، فلمن شاء في زماننا هذا أن يدعي ما شاء، ولمن شاء ممن غيب عقله أن يصدق كل دعوى وإن لم يأت صاحبها بدليل معتبر نقلا وعقلا.

والدعاوى إذا لم تقم ******* عليها بينات أبناؤها أدعياء

وإلى صاحب هذه الدعوة الخبيثة:

إلى ديان يوم الدين نمضي ******* وعند الله تجتمع الخصوم

ستعلم في المعاد إذا التقينا ******* غداً عند المليك من الظلوم

ولم يكتف القوم بالافتراء على الصديق، رضي الله عنه، بل امتدت ألسنتهم للطاهرة المطهرة أم المؤمنين، عائشة رضي الله عنها، فبعد أن بدأ القوم حملتهم عليها في دولة الكويت، وانضوى تحت لواءهم أحد متشيعة مصر ممن عبر على قنطرة التصوف إلى الرفض، امتدت حملتهم عليها، إلى العراق الحبيب، استفزازا لمشاعر أهل السنة، والمزيد في هذا الرابط:

http://www.islammemo.cc/news/one_news.asp?IDNews=121278

ولا عجب، فهذه أخلاق القوم، وهذا دينهم!!!

وفي هذه المحاضرة إشارة لهذه المهزلة:

http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=55138

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير