قال الشيخ الألباني: " ( ... ) وقد ذهب جماعة من العلماء إلى القول بوجوب الغسل للجمعة. . . ". قلت: وهو الحق الذي لا ينبغي العدول عنه، لأن الأحاديث الدالة عليه أقوى إسنادا وأصرح في الدلالة من الأحاديث التي استدل بها المخالفون على الاستحباب.) ا. هـ (تمام المنة في التعليق على فقه السنة.)
أركانه:
1 - النية:
المقصود أن ينوي الإنسان بغسله أنه للطهارة من الجنابة أو أنها تغتسل لتطهر من الحيض وهكذا، والنية عمل قلبي. (أي لا ينبغي التلفظ بها) لحديث: (إنما الأعمال بالنيات).
2 _ تعميم البدن بالماء، فمن غسل بعض جسمه وترك بعضًا فقد أخل بأحد ركني الغسل، وعليه فغسله غير صحيح ويلزمه إعادته.
ومن نوى الغسل لرفع الجنابة مثلا وعمّم بدنه كله بالماء فغسله صحيح مجزئ.
صفته المستحبة:
الغسل نوعان: مجزئ، وكامل. أما المجزئ فيكتفي فيه الإنسان بفعل الواجبات فقط، ولا يفعل شيئاً من المستحبات والسنن، فينوي الطهارة، ثم يعم جسده بالماء بأي طريقة، سواء وقف تحت (الدوش)، أو نزل بحراً، أو حمام سباحة ونحو ذلك.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن صفة الغسل:
فأجاب: " صفة الغسل على وجهين:
الوجه الأول: صفة واجبة، وهي أن يعم بدنه كله بالماء، ومن ذلك المضمضة والاستنشاق، فإذا عمم بدنه على أي وجه كان، فقد ارتفع عنه الحدث الأكبر وتمت طهارته، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) المائدة/6.
الوجه الثاني: صفة كاملة، وهي أن يغتسل كما اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يغتسل من الجنابة فإنه يغسل كفيه، ثم يغسل فرجه وما تلوث من الجنابة، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً، ثم يغسل رأسه بالماء ثلاثاً، ثم يغسل بقية بدنه. هذه صفة الغسل الكامل " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" (ص248).
فوائد:
_لا فرق بين غسل الجنابة وغسل الحيض إلا أنه يستحب دلك الشعر في غسل الحيض أشد من دلكه في غسل الجنابة، ويستحب فيه أيضا أن تتطيب المرأة في موضع الدم، إزالة للرائحة الكريهة.
روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه أَنَّ أَسْمَاءَ رضي الله عنه سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِ الْمَحِيضِ فَقَالَ: (تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِينَ بِهَا! فَقَالَتْ عَائِشَةُ كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ: تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ.
وَسَأَلَتْهُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ: تَأْخُذُ مَاءً فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا الْمَاءَ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ، لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ).
ففَرَّق صلى الله عليه وسلم بين غسل الحيض وغسل الجنابة، في دلك الشعر، واستعمال الطيب.
وقوله: (شؤون رأسها) المراد به: أصول الشعر.
(فِرْصَةً مُمَسَّكَةً) أي قطعة قطن أو قماش مطيبة بالمسك.
وقول عائشة: (كأنها تخفي ذلك): أي قالت ذلك بصوت خفي يسمعه المخاطب ولا يسمعه الحاضرون.
قال ابن القيم رحمه الله:
"فهذا الحديث صريح في التفريق بين غسل المرأة من المحيض وغسلها من الجنابة, حيث أكد على الحائض أن تبالغ فى التدليك الشديد والتطهير مالم يؤكد مثله في غسلها من الجنابة, كما أن حديث أم سلمة دليل على عدم وجوب النقض فى غسلها من الجنابة.
والأصل نقض الشعر لتيقن وصول الماء إلى ما تحته, إلا أنه عُفى عنه في غسل الجنابة لتكرره ووقوع المشقة الشديدة في نقضه, بخلاف غسل الحيض فإنه في الشهر مرة."
وما قيل عن الحيض يقال عن النفاس.
¥