تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أريد أن أبرئ نفسي أمام القراء من أن أكون ظلمتك في حكمي (بسبب هذه النقطة وأختيها حصرا) أن عندك شيئا من تعجل وجرأة، لأن هذا الحكم هو الذي أزعجك وغيْرَك فيما يظهر.

فإنني لا أرى هذا الخطأ مجرد (ذهول) كما عبّرتَ، كيف؟

لأنك –كما هو واضح- قرأتَ طبعة الرسالة قراءة متأنية جدا (وهذا من حقك ومن حق القراء والمهتمين)، لترى الفوارق بين عملك وذاك العمل استفادةً وتعقباً، فلما رأيتَ إبدال محقق الطبعة "نا" بـ"حدثنا" استنكرتَه في نفسك، ثم أفردته جانبا، ثم رجعت لمصنف ابن أبي شيبة، فرأيتَ "نا" هناك أيضا، فتأكد في ذهنك مرة ثانية أنه أخطأ خطأ واضحا، ثم كتبتَ عليه ردا، وجعلت هذا الخطأ من (أمثلة) عدم توفيق المحقق للصواب، والظن بك أنك تحرزت وراجعت قبل إنزال المقال، إن لم تكن عرضته على بعض خواصك أيضا، ثم أنزلتَه لعامة القراء في منتدى علمي على شكل مقال علمي معتمد باسمك، وجعلت المقال نقدا وتقويما لغيرك.

فهذا (مع احترامي لشخصك وأدبك) لا أسميه ذهولا فقط، لأنه ليس خطأ عاديا، فمثل هذه الاختصارات (مشهورة) في علمين اثنين: المصطلح، وعلم التحقيق!

وأظنك -يا رعاك الله- تفرق بين الخطأ (العادي البسيط) والخطأ (المنهجي)!

ومع ذلك لم أسمِّ خطأك هذا (جهلا فاضحا) بل خففت التعبير وسميتُه (تسرعا) أما الجرأة فهي لاتهامك العَجِل لمن أصاب -يقينا- في (بديهية وأساسية) بالخطأ!!

ولذلك فمن حقي كقارئ ومتابع وطالب علم أن أتوقف عند هذا الخطأ مليا، وأن آخذ بسببه تصورا وأسحب عليه مخاوف وشكوكا خاصة، لأننا تعودنا كلما خرجت طبعة محققة أن تقدح في سابقاتها، ودور طالب العلم المتابع للتراث أن يقارن بنفسه وعلمه، ويوازن ويعتبر، لأنه في النهاية هو الدافع من جيبه ثمن الكتب!! ولا شك أنه يروم الأصح والأضبط، ورُبَّ انتقادات ترجع عند التمحيص على أصحابها، وتبين أقدارهم ومدى علميتهم (وهذا كلام عام).

ورجوعك عن هذا الخطأ فضيلة ظاهرة، ولكنها تنفعك في أدبك، أما في علمك فلا زلت على نصحي الأخوي لك بالتريث وإعادة النظر والتأمل، ما دامت طبعتك لم تَخْرُجْ (لاحظ أنني لم أقل: لا تُخْرِجْ، بل أريدك أن تُخرِج!)، لأنني جاد في قولي: [فنريد لطبعتك المرتقبة أن لا تقل عنها دقة وتأنيا وجهدا، والله يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.]

بل أزيد هنا فأقول: أتمنى أن تخرج طبعتك أفضل بمراحل من أي طبعة سابقة، فهذه مصلحة عامة للأمة، وأتمنى لك التوفيق.

فهذا هو نقدي العلمي على النقطة الأولى، وإنما أطلت لأدفع التهمة عن نفسي.

ـ[المقدسي]ــــــــ[09 - 03 - 04, 11:21 م]ـ

قولك أخي الفاضل: [قال ابن القيم ص: 49: «قوله تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله (في ثلاثة مواضع من القرآن)).

فعلق المحقق وفقه الله بقوله: (الأعراف 200) , (فصلت 36) فقط!

فقلتُ: إن علامة التعجب من المحقق , حتى لا يظن قارئ كلامي أنها مني وأني أتعجب من كلام المحقق. هذا كل ما في الأمر. فانظر أين ذهب بك سوء الظن.

ثم بينت أن الآية الثالثة في سورة المؤمنون , وقد قال ابن كثير: فهذه ثلاث آيات ليس لهن رابعة في معناها.

وحمل كلام الأئمة على الصواب – ما دام ذلك ممكنا – خير من التعجب منه.

فمن أحق بعد هذا بالتعجب؟!]

فأقول: إنما لم أحبذ أن يخرج موضوعك عن رونقه الجميل وأدبه الرفيع في هذا الموضع الوحيد، فأرجو أن لا يذهب سوء الظن بي وبك إلى خلاف الحق.

وهذا رأيك قد بينتَه، ولا بأس، فليكن الأحق بالتعجب منه هو أنا! ولكن الرجوع للحق خير من المكابرة، فأنت تنقل عن ابن القيم أن (قوله) تعالى في ثلاثة مواضع، والذي نقلتَه عن المحقق أظنُّ كلَّ عربٍّي يعتبرُه فهما سليما، أما احتجاجك بابن كثير فعليك لا لك، لأنه يقول: فهذه ثلاث آيات ليس لهن رابعة في (معناها)، وليس (نصها) كما هو كلام ابن القيم.

سأضرب مثالا للتقريب: لو أن عالما قال: "قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) في ثلاثة مواضع من القرآن"، ورد عليه زيد قائلا، بل هي في موضعين فقط في سورة النساء! فرد عليه عمرو قائلا:

[أولا: علامة التعجب من المحقق.

ثانيا: الموضع الثالث: في سورة الفرقان في قوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم) وانظر كلام محمد بن عبد الوهاب عند كلامه عن الشرك.]

فإن رد عليه زيد: إن العالم يتكلم عن (لفظ) و (آية) وليس عن موضوع، فقال عمرو: [وحمل كلام الأئمة على الصواب – ما دام ذلك ممكنا – خير من التعجب منه.]

فإزاء هذا المثال الواضح البسيط أليس من حقي أن أقول: [فمن أحق بعد هذا بالتعجب؟!]

وعذرا .. إنما أردت تضمين كلامك في المثال مبالغة في توضيحه وتبسيطه ليس إلا.

ولكني لاحظت تحسنا طيبا في موقفك هنا، حيث جعلت هذه النقطة في ردك الأخير مسألة إيجاد محامل وتخريجات للأئمة وتحسين الظن، بينما جعلته في المقال الأول خطأ محضا من المحقق، وشتان بين الأمرين، وقد أحببتُ التنويه لهذا الأمر لأشكرك عليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير