تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

{قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي} (الأنعام آيه:50)

هذا الخبر يجب علينا أن نقابله بحسن خلق وحسن الخلق نحو هذا الخبر أن نتلقى هذا الخبر بالقبول وأن نجزم بان ما قال النبي _صلى الله عليه وسلم _في هذا الحديث فهو حق وصدق وإن اعترض عليه من يعترض. ونعلم علم اليقين أن ما خالف ماصح عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم _فإنه باطل لأن الله تعالى يقول:

{فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون} (يونس آية:32)

ومثال آخر:

من أخبار يوم القيامة.أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشمس تدنو من الخلائق يوم القيامة بقدر ميل. سواء كان ميل المكحلة أو ميل المسافة. هذه المسافة بين الشمس ورؤوس الخلائق قليلة. ومع هذا فان الناس لا يحترقون بحرها مع أن الشمس لو تدنو الان في الدنيا مقدار أنملة لاحترقت الدنيا، فقد يقول قائل كيف تدنو من رؤوس الخلائق يوم القيامة بهذه المسافة ثم يبقى الناس لحظة؟ فما هو حسن الخلق نحو هذا الحديث؟ حسن الخلق نحو هذا الحديث ان نقبله ونصدق به وان لايكون في صدورنا حرج منه ولاضيق ولاتردد وأن نعلم أن ما اخبر به الرسول _صلى الله عليه وسلم- في هذا فهو حق ولا يمكن ان نقيس احوال الاخرة على احوال الدنيا لوجود الفارق العظيم فإذا كان كذلك فإن المؤمن يقبل مثل هذا الخبر بانشراح وطمأنينة ويتسع فهمه له، هذا في الأخبار.

ثانيا: تلقي احكامه بالتنفيذ والتطبيق:

إن حسن الخلق في معاملة الله بالنسبة للأحكام أن يتلقاها الانسان بالقبول والتنفيذ والتطبيق فلا يرد شيئا من أحكام الله. فإذا رد شيئا من أحكام الله فهذا سوء خلق مع الله سواء ردها منكرا حكمها أو ردها مستكبرا عن العمل بها أو ردها متهاونا بالعمل بها فان ذلك مناف لحسن الخلق مع الله عز وجل. ولنضرب لذلك مثلا الصوم لاشك انه شاق على الانسان لان الانسان يترك فيه المألوف من طعام وشراب ونكاح وهذا أمر شاق ولكن المؤمن حسن الخلق مع ربه عز وجل يقبل هذا التكليف يقبل هذا التشرف وهذه النعمة من الله _عز وجل _يقبلها بانشراح وطمأنينة وتتسع لها نفسه فتجده يصوم الأيام الحارة الطويلة وهو بذلك راض منشرح الصدر لأنه يحسن الخلق مع ربه لكن سيئ الخلق مع الله يقابل مثل هذه العبادة بالضجر والكراهية ولولا أنه يخشى من أمر لا تحمد عقباه لكان لا يلتزم بالصيام.

ومثال آخر في الصلاة:

الصلاة لاشك أنها ثقيلة على بعض الناس وهي ثقيلة على المنافقين كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

"أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر " (البخاري ومسلم)

لكن الصلاة بالنسبة للمؤمن قرة عينه وراحة نفسه.

{واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين* الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون} (البقرة الآيتان:45،46)

فهي على هؤلاء غير كبيرة بل إنها سهلة يسيرة ولهذا قال النبي_صلى الله عليه وسلم _:

"جعلت قرة عيني في الصلاة"

(رواه أحمد. والنسائي. والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي).

فحسن الخلق مع الله _عز وجل _بالنسبة للصلاة أن تؤديها وقلبك منشرح مطمئن وعيناك قريرتان تفرح اذا كنت متلبسا بها وتنتظرها إذا فات وقتها فإذا صليت الفجر كنت في شوق إلى صلاة الظهر وإذا صليت الظهر كنت في شوق إلى صلاة العصر وإذا صليت العصر كنت في شوق إلى صلاة المغرب وإذا صليت المغرب كنت في شوق إلى صلاة العشاء وإذا صليت العشاء كنت في شوق إلى صلاة الفجر. وهكذا دائما قلبك معلق بهذه الصلوات. هذا لا شك أنه من حسن الخلق مع الله.

ونضرب مثالا ثالثا في المعاملات:

في المعاملات حرم الله علينا الربا حرمه تحريما صريحا في القرآن {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة / 275]،

وقال فيه {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة / 275]،

فتوعد من عاد إلى الربا بعد أن جاءته الموعظة وعلم الحكم توعده بالخلود في النار والعياذ بالله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير