تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المؤمن يقبل هذا الحكم بانشراح ورضا وتسليم، وأما غير المؤمن، فإنه لا يقبله ويضيق صدره به، يتحيل عليه بأنواع الحيل لأننا نعلم أن في الربا كسبا متيقنا وليس فيه مخاطرة، لكنه في الحقيقة كسب لشخص وظلم لآخر، ولهذا قال الله تعالى

{وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تَظْلِمونَ ولا تُظْلَمونْ} [البقرة/279].

أما الأمر الثالث من موضوع حسن الخُلق مع الله، فهو الرضا والصبر على المقدور، وكلنا يعلم أن أقدار الله – عز وجل – التي ينفذها في خلقه بعضها ملائم وبعضها غير ملائم.

هل المرض يلائم الانسان؟ أبدا الانسان يحب ان يكون صحيحا، وهل الفقر يلائم الانسان؟ لا. فالإنسان يحب ان يكون غنيا، وهل الجهل يلائم الانسان؟ لا. فالإنسان يحب ان يكون عالما. لكن أقدار الله _ عز و جل _ بحكمته تتنوع منها ما يلائم الانسان ويستريح له بمقتضى طبيعته ومنها ما لايكون كذلك فما هو حسن الخلق مع الله _عز وجل _ نحو أقدار الله؟ حسن الخلق مع الله نحو اقداره ان ترضى بما قدره الله لك وان تطمئن إليه وان تعلم ان الله سبحانه وتعالى ما قدره لك الا بحكمة وغاية محمودة يستحق عليها الحمد و الشكر وعلى هذا فان حسن الخلق مع الله نحو اقداره هو ان الانسان يرضى ويستسلم ويطمئن ولهذا امتدح الله الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله و انا إليه راجعون. وقال:

{وبشر الصابرين} (البقرة آيه /155)

ونوجز ما سبق نقول ان حسن الخلق كما يكون في معاملة الخلق يكون في معاملة الخالق. وان حسن الخلق في معاملة الخالق هو تلقى اخباره بالتصديق وتلقي احكامه بالقبول والتطبيق. وتلقي اقداره بالصبر والرضا. هذا حسن الخلق مع الله.

أما حسن الخلق مع المخلوق فعرفه بعضهم. ويذكر عن الحسن البصري انه قال

((كف الأذى؛ وبذل الندى؛ وطلاقة الوجه)).

ثلاثة أمور:

1_ كف الأذى.

2_ بذل الندى.

3_ طلاقة الوجه.

الأول: كف الأذى.

ما معنى كف الأذى؟

معنى كف الأذى، أن الانسان يكف أذاه عن غيره سواء كان هذا الأذى يتعلق بالمال؛ او يتعلق بالنفس؛ او يتعلق بالعرض. فمن لم يكف أذاه عن الخلق فليس حسن الخلق؛ بل هو سئ الخلق. وقد أعلن الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ في اعظم مجمع اجتمع به في أمته. قال: ((ان دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)) [أخرجه البخاري ومسلم].

اذا كان رجل يعتدي على الناس بالخيانة أو يعتدي على الناس بالضرب والجناية او يعتدي على الناس في العرض او بالسب والغيبة فهذا ليس بحسن الخلق مع الناس لانه لم يكف أذاه عنهم ويعظم إثم ذلك كلما كان موجها الى من له حق عليك اكبر، فالإساءة الى الوالدين مثلا اعظم من الإساءة الى غيرهما والإساءة الى الأقارب اعظم من الإساءة الى الأباعد والإساءة الى الجيران اعظم من الإساءة الى من ليسوا جيرانا لك ولهذا قال النبي _عليه الصلاة والسلام _:

((والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله؟ قال ((الذي لا يأمن جاره بوائقه)) وفي رواية لمسلم ((لا يدخل الجنة من لا يا من جاره بوائقه))

والبوائق هي: الشرور.

الثاني: بذل الندى.

الندى هو الكرم والجود يعني ان تبذل الكرم والجود والكرم ليس كما يظنه بعض الناس هو ان تبذل المال بل الكرم يكون في بذل النفس وفي بذل الجاه وفي بذل المال اذا رأينا شخصا يقضي حوائج الناس يساعدهم يتوجه في شئونهم الى من لا يستطيعون الوصول إليه ينشر علمه بين الناس يبذل ماله بين الناس فنصفه بحسن الخلق لانه بذل الندى ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)

[أخرجه أحمد، والترمذي، والدارمي]

ومعنى ذلك أنك اذا ظلمت أو أسيء إليك فانك تعفو وتصفح وقد امتدح الله العافين عن الناس فقال في أهل الجنة:

{الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}

(آل عمران آيه134)

وقال الله تعالى {وأن تعفوا أقرب للتقوى} (البقرة آيه237)

وقال تعالى {وليعفوا و ليصفحوا} (النورآيه22)

وقال تعالى {فمن عفى وأصلح فأجره على الله} (الشورىآيه25)،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير