ـ[أبو الوليد بن أبي الليث]ــــــــ[02 - 07 - 09, 02:50 م]ـ
الكشف عند البيجوري وطرف من وحدة الوجود
من المعلوم البدهي لدى المسلم أن لكل فن من الفنون مصادره، ولكل علم منه قواعد لا ينبغي التصرف فيها، وهذه القواعد ما وضعت في كل فن إلا حفاظ عليه من الدخن الوارد عليه، ومن أجل تمييز حقائقه من أباطيله وبدون هذه القواعد يصبح الأمر فوضى لا ضابط له.
وإذا علم هذا فإن اطمئنان النفس وحديثها، وخيالات العقول لا تصلح بحال من الأحوال ضابطاً يقوم به مقبول العلوم ومردودها، لأن أمزجة النفوس مختلفة، ورغائب القلب وهواه مضطرب لا استقرار له، وقد يحصل في النفس أمر يكون خلاف الحق، ومن أجل هذا فمعلوم قطعاً أن عقائد المسلمين لا تؤخذ إلا من الوحيين الكتاب والسنة.
قال الإمام العلامة عبدالرحمن بن المعلمي اليمني: (مآخذ العقائد الإسلامية أربعة: سلفيان وهما الفطرة والشرع، وخلفيان وهما النظر العقلي المتعمق والكشف الصوفي.
أما الفطرة فأريد بها ما يعم الهداية الفطرية والشعور الفطري والقضايا التي يسميها أهل النظر ضروريات وبديهيات، والنظر العقلي العادي وأعني به ما يتيسر للأميين ونحوهم ممن لم يعرف علم الكلام ولا الفلسفة.
وأما الشرع فالكتاب والسنة.
وأما النظر العقلي المتعمق فيه فما يختص بعلم الكلام والفسلفة.
وأما الكشف التصوفي فمعروف عند أهله ومن يوافقه عليه) "1" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1070124#_ftn1).
ثم قال: (ومن أول من مزج التصوف بالكلام الحارث المحاسبي ثم اشتد الأمر في الذين أخذوا عنه فمن بعدهم، وكان من نتائج ذلك قضية الحلاج ولعله كان في أقران الحلاج من هو موافق له في الجملة؛ بل لعل فيهم من هو أوغل منه إلا أنهم كانوا يتكتمون ودعا الحلاج إلى إظهار ما أظهره من حب الرياسة، وكذلك مزج الفلسفة في التصوف كان معروفاً عند بعض الفلاسفة الأقدمين، وتجد في كلام الفارابي وابن سينا نتفاً من ذلك، وكذلك في كلام متفلسفة المغاربة كابن باجة وغيره، وهكذا الباطنية كانوا ينتحلون التصوف فلما جاء الغزالي نصب التصوف منصب الكلام والفلسفة الباطنية، وزعم أن الحق لا يعدو هذه الأربع مقالات وقضى ظاهراً للتصوف مع ذكره كغيره أن طائفة من المتصوفة ذهبوا إلى الإباحة المطلقة وفي ذلك نبذ الشراع البتة، ثم لم يزل الأمر يشتد حتى جاء ابن عربي وابن سبعين والتلمساني ومقالاتهم معروفة، ومن تتبع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأئمة التابعين وما يصرح به الكتاب والسنة وآثار السلف وأنعم النظر في ذلك ثم قارن ذلك بمقالات هؤلاء القوم علم يقيناً أنه لا يمكنه إن لم يغالط نفسه أن يصدق الشرع ويصدقهم معه، وإن غالط نفسه وغالطته فالتكذيب ثابت في قرارها ولابد).
هذا والشرع يقضي بأن الكشف ليس ما يصلح الاستناد إليه في الدين ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((لم يبقى من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤية الصالحة)).
وورد نحوه من حديث جماعة من الصحابة ذكر في فتح الباري منها حديث ابن عباس عند مسلم وغيره وحديث أم كرز عند أحمد وابن خزيمة وابن حبان وحديث حذيفة ابن أسيد عند أحمد والطبراني وحديث عائشة عند أحمد وحديث أنس عند أبي يعلى.
وفيه حجة على أنه لم يبقى مما يناسب الوحي إلا الرؤيا.
وقال: (قد تقدم أن الرؤية قصارها التبشير والتحذير وفي الصحيح: أن الرؤيا قد تكون حقاً وهي المعدودة من النبوة، وقد تكون من الشيطان، وقد تكون من حديث النفس والتمييز مشكل، ومع ذلك فالغالب أن تكون على خلاف الظاهر، حتى في رؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما قص من ذلك القرآن وثبت في الأحاديث الصحيحة ولهذه الأمور اتفق أهل العلم على أن الرؤيا لا تصلح للحجة وإنما هي تبشير وتنبيه وتصلح للاستئناس بها إذا وافقت حجة شرعية صحيحة كما ثبت عن ابن عباس أنه كان يقول بمتعة الحج لثبوتها عنده بالكتاب والسنة فرأى بعض أصحابه رؤيا توافق ذلك فاستبشر ابن عباس.
¥