تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و لماذا اقتصر على السبعة؟! بعض العلماء رأوا أن الاقتصار على السبعة يوقع العامة في لبس، فيظنون أن هذه القراءات السبع التي عُرفت بعد ذلك أنها هي الأحرف السبعة.وبعض العلماء قالوا: وقع هذا صدفة!! ولا أظنه صدفة، فقد يكون أراد أن يوافق لفظ الحديث أن القرآن أُنزل على سبعة أحرف، وإن لم يقصد أن القراءات السبع هي الأحرف السبعة؛ لكن من باب أن الشيء بالشيء يذكر .. أو أنه فعل ذلك لأنه جاء في بعض الروايات _ ولا تصح الرواية في عدد المصاحف _ أن عثمان كتب سبعة مصاحف .. فأراد أن يوافق ذلك، لكن البحرين لم يكن فيها قراء، مع أنه يقال إن عثمان أرسل مصحفاً إلى البحرين وآخر إلى مصر؛ مع أنه في ذلك الوقت لم يكن فيها قراء من المشاهير، فالمقصود أنه لربما قصد بهذا العدد موافقة الحديث، أو أنه أراد أن يوافق هذه الرواية بأن عثمان رضي الله عنه كتب سبعة مصاحف، فلما لم يجد قارئاً على شرطه في البحرين ومصر .. ماذا صنع؟! أضاف من قراء الكوفة المشاهير قارئين. والله تعالى أعلم.

مع أن أبا بكر بن مجاهد بقي مدة وهو متردد بين علي الكسائي ويعقوب الحضرمي أيهما يقدم في كتابه؟ -وكلاهما جبل - ثم قدَّم الكسائي لأن قراءته وقعت لابن مجاهد بعلو إسناد.…وكذلك في اختياره لحمزة دون شيخ حمزة وهو الأعمش، مع أن بعضهم يقدم الأعمش وهو الإمام الكبير- لهذه العلة وهي علوا الإسناد، مع أن الناس في زمانه– أي ابن مجاهد-كانوا يقدمون أبا جعفر، وشيبة بن نصاح، وابن محيصن، والأعرج،والأعمش،والحسن البصري، وأبا رجاء العطاردي، وعطاء بن أبي رباح، ومسلم بن جندب، ويعقوب الحضرمي، وعاصم الجحدري، ويقرؤون بقراءتهم، والعلماء ما كانوا يتقيدون بالسبعة؛ ولهذا فابن جرير الطبري رحمه الله له كتاب اسمه (الجامع في القراءة) وضع فيه عشرين إماماً من القراء… وبعضهم وضع ثمانية، وبعضهم عشرة كابن مهران في كتابه (المبسوط) وهو قبل ابن مجاهد، لأنه في أول المائة الثالثة، وهكذا (الموضح) لابن أبي مريم جمع فيه ثمانية قراء، وهكذا أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله، وإسماعيل القاضي المالكي .. فالحاصل أنهم لم يقتصروا على السبعة.

والعلماء بعد ابن مجاهد تلقوا هؤلاء السبعة بالقبول، ولم يتردد أحد في إمامتهم أصلاً لا قبل ابن مجاهد ولا بعده، وقد اشتهر أن قراءة هؤلاء السبعة متواترة .. ثم بعد ذلك كاد يتفق رأي العلماء بعد ذلك على أن قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع المدني، ويعقوب بن إسحاق الحضرمي، وخلف أن هؤلاء في غاية الإتقان، وأن قراءتهم متواترة؛ ولهذا جاء الشاطبي رحمه الله في كتابه حرز الأماني المشهور- النظم المعروف - ووضع السبعة الذين وضعهم ابن مجاهد، وجاء أبو عمرو الداني في كتابه التيسير، وكتاب جامع البيان ووضع هؤلاء السبعة… والواقع أن كتاب الشاطبي حرز الأماني نَظْم لكتاب أبي عمرو الداني … كما أن بعض العلماء اعتمد هؤلاء السبعة وزاد عليهم الثلاثة: وهم أبو جعفر، ويعقوب، وخلف، فصاروا العشرة الذين ألف فيهم ابن الجزري كتابه النشر في القراءات العشرة … وإذا قيل (القراءات العشر) فالمقصود السبعة إضافة إلى هؤلاء الثلاثة. فهذه القراءات العشر المعدودة من قبيل التواتر.

*وهنا يرد سؤال، وهو أنه قد يُقال: كيف وُجد هذا التفاوت في القراءات عند هؤلاء السبعة أو عند غيرهم من القراء الذين ذكرنا وغير من ذكرنا؟ نقول: إن عثمان رضي الله عنه لما جمع الناس على مصحف واحد، وأرسل مع كل مصحف قارئاً يُقرئ الناس، وطالب الناس أن يَقرؤوا بهذه المصاحف، وأن يحرقوا ما عندهم من الصحف والمصاحف ليوحد القراءة، وقد كان الناس قبل ذلك أقرأهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بوجوه الأحرف السبعة، وكانت المصاحف غير منقوطة ولا مشكولة، فصاروا يقرؤون بما يوافق الرسم العثماني مما ثبت عندهم مما تلقوه عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل من الأحرف السبعة ما يحتمله الرسم العثماني كقوله (لأمانتهم)، (لآماناتهم)، (يعملون)، (تعملون)، (ملك يوم الدين)، (مالك يوم الدين) (كأنه جِِمَالتٌ)(كأنه جِمالاتٌ) فهذا كله من جملة الأحرف السبعة، لكن مثل قراءة (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر) … لا يحتملها الرسم العثماني فلا يُقرأ بها. فدخل إذا من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير