وهو ما أخبرنا سبحانه عنه بقوله:
" وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك. ورتلناه ترتيلا "
رتلناه: أي رتبناه ترتيبا محكما. [32 الفرقان]
(رتل: استوى وانتظم وحسن تأليفه، ورتل الشيء: نسقه ونظمه.ورتل: جود تلاوته. المعجم الوسيط 1/ 327)
فمعنى الترتيل في العربية هو الترتيب، وأما تجويد التلاوة – وهو المفهوم السائد – فهو من المعاني المستحدثة فيما بعد.
ولما كان هذا الترتيب إلهيا، فهو مختلف عما يمكن أن يتخيله البشر لو أرادوا محاكاة القرآن في ترتيبه، وتضمين كتبهم أسرارا عددية، وبالتالي فهو ترتيب لا يجري وفق مقاييسنا البشرية جملة وتفصيلا. وليس صحيحا ما يزعمه البعض أن العلاقات الرياضية في القرآن هي مما يمكن أن نجدها في أي كتاب، أو أنها مما يقع تحت قدرات البشر، فمثل هذا القول يحتاج إلى دليل. ولو وجد مثل هذا الكتاب البشري المزعوم الذي يتحدثون عنه لما بقي مجهولا إلى الآن.
فأما الحكمة من هذا الترتيب – أي ترتيب القرآن على نحو مغاير لترتيب نزوله – فذلك ليكون في الزمن الذي يكتشف فيه، وجها من وجوه إعجاز القرآن الدالة على مصدر القرآن وصدق الرسالة، بلغة تتناسب مع تقدم العلوم والمعارف، وخطابا يصلح لمن ليست العربية لغته.
وإذا كان البعض يصر على رفض هذا التفسير، فسبب ذلك هو تعدد الروايات والقراءات في القرآن، مما يجعل انطباق أي نظام عددي مكتشف في أي منها أمرا غير ممكن في باقي الروايات، وهو ما يحتاج معه إلى تفسير مقبول.
كما أن هذا الرفض، لا يقوم على دراسة وافية شاملة للنظام العددي في القرآن، وإنما يستند أصحابه إلى جزئية أو أكثر، يظنون أنها تمثل النظام العددي في القرآن بكل تفاصيله، وهذا تصور ساذج للنظام العددي في القرآن، لا يصلح للحكم عليه.
وعلى أي حال، فإن الوصول إلى رأي صحيح في مسألة الترتيب القرآن والحكمة منه، لن يكون إلا بدراسات تنطلق من القرآن نفسه لا من الروايات التي يعارض بعضها بعضا. وحينئذ يكون الحكم في هذه المسألة للقرآن الذي وصلنا محفوظا بتعهد من الله سبحانه، وليس إلى تضارب الأقوال والاجتهادات.
(فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) [الرعد 17]
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[16 Mar 2009, 09:10 ص]ـ
ترتيب سور القرآن وآياته وكلماته توقيفي، وما كان كل ذلك إلا بالوحي ومن عند الله.والدليل على ذلك – إضافة إلى إجماع الصحابة عليه، والروايات التي تؤيده – هو النظام العددي المحكم الثابت الموجود في المصحف.
وهو ما أخبرنا سبحانه عنه بقوله:
" وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك. ورتلناه ترتيلا "
رتلناه: أي رتبناه ترتيبا محكما. [32 الفرقان]
(رتل: استوى وانتظم وحسن تأليفه، ورتل الشيء: نسقه ونظمه.ورتل: جود تلاوته. المعجم الوسيط 1/ 327) فمعنى الترتيل في العربية هو الترتيب، وأما تجويد التلاوة – وهو المفهوم السائد – فهو من المعاني المستحدثة فيما بعد.
هذا الكلام غير جيد ومنافي للصواب، فالترتيل معناه التلاوة المجودة، وهذا ما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وسلم في أول سورة المزمل:
(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4))
قال بن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:
"وقوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} أي: اقرأه على تمهل، فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره. وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه، قالت عائشة: كان يقرأ السورة فيرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها. وفي صحيح البخاري، عن أنس: أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كانت مدًا، ثم قرأ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يمد بسم الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم. "
وقال الزمخشري في تفسيره:
¥