تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مقال (طريف) بعنوان: ثنتا عشْرة .. فيها ابن دقيق وكافكا وفتيات بسمارك!!!

ـ[أحمد بن موسى]ــــــــ[29 Oct 2008, 11:44 م]ـ

ثنتا عشْرة .. فيها ابن دقيق وكافكا وفتيات بسمارك

بقلم الشيخ الفاضل: عبدالله بن عبدالعزيز الهدلق

المصدر: مجلة الإسلام اليوم، العدد 47 – رمضان 1429هـ، ص48

" .. اللهم إنا نسألك ما نسأل؛ لا عن ثقة ببياض وجوهنا عندك، وحسن أفعالنا معك، وسوالف إحساننا قبلك، ولكن عن ثقة بكرمك الفائض، وطمعاً في رحمتك الواسعة. نعم، وعن توحيد لا يشوبه إشراك، ومعرفة لا يخالطها إنكار .. وإن كانت أعمارنا قاصرة عن غايات حقائق التوحيد والمعرفة، فنسألك أن لا ترد علينا هذه الثقة بك، فتشمت بنا من لم تكن له هذه الوسيلة إليك.

اللهم يا مولج الليل والنهار: عُدْ علينا بصفحك عن زلاتنا، وأنعشنا عند تتابع صرعاتنا .. وكن لنا وإن لم نكن لأنفسنا لأنك أولى بنا .. " أبو حيان التوحيدي.

1 - من لا يدرس التاريخ يسخر منه التاريخ ..

وإن مما يحير فلاسفة هذا الساخر ممن لا يدرسه؛ ما ينشأ عن العلة التافهة من نتائج عظيمة. وإن كان هناك معنى يمكن أن يفهم منه "شيء" من الصلة بين تافه العلل وجسامة الأحداث؛ فأظن أنه يتمثل في: "ضعف اعتبار الواقع".

كانوا يقولون: إن النعامة إذا أحست بالخطر فإنها تدس رأسها في التراب، ولقد ظلت هذه المقولة زمناً مما يتمثل به كل من رأى ما يستدعي مقولة النعامة والتراب.

ثم جاء بعض الدارسين ورفع الظلم عن النعامة، وأبان أنها إنما تفعل ذلك لا لتتخفى، وإنما لتسمع وقع أقدام العدو فتحدد مسافة الخطر القادم.

من يستطيع أن يفسر لنا ما نحن فيه تفسيراً علمياً يدفع به عنا تهمة العجز والجهل؟

2 - "أنا من حَجَر، بل أنا حَجَرٌ لقبر نفسي، لا منفذ فيه للشك أو للإيمان، للحب أو للنفور، للشجاعة أو للقلق، على وجه التخصيص أو وجه التعميم: كلا، بل ثم أمل واحد غامض يحيا، لكنه من نوع شواهد القبور".

كلما قرأت لفرانز كافكا (1883 - 1924) تولتني عاطفة حزينة لا أكاد أتبين مأتاها.

مات "هذا الألماني المسلول الشريد في دنيا اللامعقول" في مصح لا يكاد يعرفه فيه أحد عن إحدى وأربعين سنة، بعد أن رفض رئيسه في العمل أن يمدد إجازته وهو يحتضر.

وكان قد عاش عيشة عانى فيها من: تسلّط الأب، ومرارة الوَحدة، وظلام الفطرة، وخواء الروح، وويلات الأرق، وآلام العبث، وشقاء الأسئلة، وبؤس الإجابات، وقسوة الإلحاد، ويبس العدم، وحِدّة الاغتراب الوجودي ما عاناه.

ثم إن العالم تنبه له بسب صديق له سعى في نشر أدبه يدعي ماكس برود، فما كتب في القرن العشرين عن كاتب بعد ذلك ما كتب عنه: أزيد من ستة عشر ألفاً ما بين مقالة وبحث وكتاب في كثير من اللغات، منها ألفا رسالة دكتوراه! حتى إنه كتبت مقالات في تحليل فرقة شعر رأسه التي ظهر بها في بعض الصور.

ثم هنالك المهرجانات والمئويات والندوات وطوابع البريد ...

وتقصٍّ لكل مكان عاش فيه أو مرَّ به أو ذكره في كتاب من كتبه، وتتبُّع لكل من عرفه أو حادث أو رآه .. وكتبت عنه امرأة كانت تلقاه في المصعد مصادفة عدة مقالات.

تنازعته ثلاث دول: ألمانيا والنمسا والتشيك.

وبيعت مخطوطة لكتاب من كتبه بخطه في مزاد عالمي بما يعدل سبعة ملايين ريال، ابتاعتها حكومة ألمانيا وكانت رصدت لها أضعاف هذا المبلغ.

ثم ماذا؟ كلما قرأت لك يا فرانز تولتني عاطفة حزينة لا أكاد أتبين مأتاها ..

3 - في "الطالع السعيد الجامع أسماء نجباء الصعيد" للأدفوي، ترجمة نفيسة للحافظ ابن دقيق العيد رحمه الله جاء فيها:

"ولما عزل نفسه ثم طلب ليولّى، قام السلطان الملك المنصور لاجين له واقفا لما أقبل، فصار يمشي قليلاً، وهم يقولون له: السلطان واقف فيقول: "أديني أمشي! " وجلس معه على الجوخ حتى لا يجلس دونه، ثم نزل وغسل ما عليه واغتسل وقبّل السلطان يده، فقال: "تنتفع بهذا"!

4 - يوم كنت أتأدب! قلت على معانيهم:

البيدر احترق

وقلبي الرغيف

وهذا جوع أحزاني ..

وكان لي عدو من الأصدقاء كان مثلي يتأدب لكن على شيء من "اللؤم"، فهو لا يكاد يسلم لي بموهبة.

فتحينت منه غِرّةً يوماً فقلت له هكذا في أثناء الكلام:

ما أروع ما قال شكسبير: "أجمل ما في اللوحة؛ الإنسان الذي يتأملها .. "

فأخذته الكلمة من نفسه ثم لم يعد ..

فقلت له: ارفق بنفسك، فو الله ما عرفها شكسبير وإنما الكلمة لي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير