تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[السؤال أهميته وفوائده .. لا يفتك يا طالب العلم]

ـ[حفيدة بني عامر]ــــــــ[14 Oct 2008, 12:57 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه ...

(1)

ما أهمية السؤال؟

من تأمل القرآن هداه، ومن تدبر آياته بلغ غاية مناه، ومن عمل به أفلح ونجح، في الدارين، ففيه الخبر والقصة، والأمر والنهي، والأدب والخلق، والبلاغة والحكمة، والتربية والتزكية فانظر

* لقوله تعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " {1}

حيث أمر الله – عزوجل - بسؤال أهل العلم في هذه الآية متى ما جهل المرء أمرا، ولو لم يكن من أهمية السؤال إلا أن الله أمر به في محكم التنزيل لكان كافيا في الحرص عليه، والأمر للوجوب، فمن جهل وجب عليه السؤال.

* وقال ابن عباس: أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله - -، ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات، فبلغ ذلك رسول الله - - فقال:" قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العي السؤال " {2}

* قال أمية بن الصلت:

وقد يقتل الجهل السؤال ويشتفي ... إذا عاين الأمر المهم المعاين

وفي البحث قدما والسؤال لذي العمى ... شفاء، وأشفى منه ما تعاين {3}

ولو تتبعنا سير العلماء لوجدنا للسؤال دورا في تحصيلهم:

* قيل للأصمعي: بم نلت ما نلت؟

قال: بكثرة سؤالى، وتلقي الحكمة الشرود. {4}

والأصمعي أعلم أهل زمانه باللغة ولهجات العرب، وهو يكشف سر هذا العلم ويرده لكثرة السؤال.

* ودعا معاوية بن أبي سفيان دعبلا النسابة، فسأله عن العربية، وسأله عن النجوم فإذا رجل عالم فقال: يا دعبل!!

من أين حفظت هذا؟

قال: حفظت بقلب عقول، ولسان سؤول. {5}

فلا ينفعك كثرة السؤال إن لم تعِ وتعقل ما تسمع.

* وقال ابن شهاب: العلم خزانة مفاتيحها المسألة.

* قال الخليل: العلوم أقفال والسؤالات مفاتيحها {6}.

فإذا ملكت المفتاح فتحت ما شئت، وهو بين يديك.

وسل الفقيه تكن فقيها مثله ... من لم يسع في علم بفقه يمهر

وتدبر الذي تعنى به ... لا خير في علم بغير تدبر {7}

فلأهمية السؤال أمر الله تعالى به، واتخذه الحذاق مطية لنيل مآربهم من العلم.

(2)

فلماذا لا تسأل يا طالب العلم؟

بعد أن بان لك أهمية السؤال، ولماذا نجد من بين طلبة العلم من يستنكف عن السؤال رغم حاجته إليه؟

أتدري ما الذي يمنعه عن السؤال؟

إنه أحد أمرين ذكرهما مجاهد حين قال:

*" لا يتعلم العلم 1 - مستحيٍ ولا 2 - مستكبر". {8}

* قدم رجل على ابن المبارك، وعنده أهل الحديث، فاستحيى أن يسأل، وجعل أهل الحديث يسألونه، فنظر ابن المبارك إليه فكتب بطاقة وألقاها إليه فإذا فيها

إن تلبست عن سؤالك عبد الله ... ترجع غدا بخفي حنين

فأعنت {9} الشيخ بالسؤال تجده ... سلسا يلتقيك بالراحتين

وإن لم تصح صياح الثكالى ... قمت عنه وأنت صفر اليدين {10}

فالرجل منعه حياؤه، ورغم أنه لم يسأل فهذا ابن المبارك قد نصح له فأرشده إلى ترك الحياء، وطرح السؤال والمزاحمة به.

* وقال عبد العزيز بن عمر: ماشيء إلا وقد علمت منه، إلا أشياء كنت أستحي أن أسأل عنها، فكبرت وفيّ جهالتها. {11}

فالسؤال الذي تستحيي من طرحه تظل جاهلا بجوابه وتكبر سنك، وأنت مازلت جاهلا به، بل ربما يسألك طلابك السؤال نفسه إن كنت معلما، أو يسألك من استقر عنده طلبك للعلم، فلا مناص من موقف يشعرك بالحرج، إما أن تتخطاه بين يدي شيخك تاركا حياءك، أو تتلبس به أمام من يحسبك أهلا للسؤال، فاختر لنفسك أي الموقفين؟!.

* وقال علي – رضي الله عنه -: خمس احفظوها لو ركبتم الإبل لأنضيتموها {12} قبل أن تصيبوهن،

ومنها: ولا يستحي جاهل أن يسأل .. {13}

فخذها وصية ذهبية من ابن عم رسول الله وصهره، قدمها لك خبرة سنين طويلة لو سافرت في طلبها لأنضيت الإبل قبل إدراكها، ولا تحتج بأنه – رضي الله عنه – استحي في أحد المواقف أن يسأل فهو له عذره:

* قال – رضي الله عنه -: كنت رجلا مذاءً فأمرت المقداد أن يسأل النبي – صلى الله عليه وسلم -، فقال: فيه الوضوء. {14}

فهو - رضي الله عنه - إنما منعه أن ابنة رسول الله - - تحته، وهذه المسألة تتعلق بالفروج، فالأدب اللائق أن لا يباشره بالسؤال، ورغم ذلك فقد أناب غيره في السؤال.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير