[إلى الطفلة (ريحانة) الغزية , أهدي هذه القصيدة.]
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Jan 2009, 02:30 م]ـ
كثيرةٌ هي المنحُ التي تولدها المحنُ , وهذا من فضل الله على كل مسلمٍ , فما محنةٌ أو قارعةٌ تحل به إلا وفي طياتها منحٌ ومننٌ وعطاءاتٌ علمها أو جهلها , وعجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير.
إن مذبحة غزة الأليمةَ كانت موقظةً لحِسّ آلاف من شباب الأمة الذين كان شعارهم:
إنما العيشُ مدامٌ وندامُ وغرامُ = فإذا فاتكَ هذا فعلى الدنيا السلامُ
لكنَّ أحداثَ غزة بلغت من هذه الفئة مبلغَ الإيمان فاستيقظوا بعد رقادٍ وحيوا بعد موات , وكأن الله يجعل للأمة فيهم خلفاً من الشهداء الذين اغتاتهم يد العدوان الأثيمة, ولكم أن تحادثوا الطلبة في المدارس والجامعات لتسمعوا عن قرب أثر الأحداث عليهم في الالتفات والعودة للدين الذين ما نقم اليهود من أهل غزة غيرَه.
وعلى لسان أحد أولئك وضعتُ هذه المحاولة الشعرية التي أسأل ربي أن يجعلها خيراً للكاتب والقارئ والسامع.
(أَمِن رَيحانَةَ الداعي السميعُ) = يُناديني , فيغريني الهُجُوعُ
أمن (ريحانةَ) الآهاتُ تترى = وقد ضاقتْ بها منها الضلوعُ
أمن (ريحانةَ) العَبْرى كِلامٌ = لهنَّ بمهجتي قَرحٌ فظيعُ
يرجّعُ صوتَها الكونُ المُعَنَّى = ويبلغُهُ إلى القيظِ الصقيعُ
وتحملُهُ الرياحُ إلى البراري = فتجري من مفاوزها الدمُوعُ
أمن ريحانةٍ ..... ! فإذا سُؤالي = على شفتَيَّ من خجلٍ صريعُ
أحَاولُهُ فيأبى كلُّ حرفٍ = وقد أودى به الخَطبُ الوجيعُ
كذاكَ جوابُ أسئلتي تهاوى = لهُ كبدٌ لما يجري صديعُ
فواذلاّهُ كيف يطيبُ عيشي = و (ريحانُ) بها الموتُ فجيعُ
ولي أذنٌ تَصامَمُ عن نِداها = وعينٌ شاقها مرأى بديعُ
وقلبٌ لا يحنُّ لغير قدٍّ = وخدٍّ في توردهِ الربيعُ
سَبتْني مائساتُ القدِّ عقلي = لذلكَ عافَ ناحيتي الهُجُوعُ
أبيتُ أقلبُ القنواتِ شوقاً = فتلفازي هو الروضُ المريعُ
وحينَ تَنَقُّلي أبصَرتُ وجهاً = على خديهِ تنتحبُ الدموعُ
ينادي يستغيثُ يقول: أمي! = أبي! جدي! أخي! ماتَ الجميعُ
أرى (ريحانةً) تشكو أساها = وحولَ إبائها حصنٌ منيعُ
تواجهُ بالحصى غاراتِ جيشٍ = تواريهِ عن الحَجرِ الدُّروعُ
وتعترضُ الرَّدى في كل فجٍّ = أليس الأصلُ تتبعُهُ الفروعُ.!؟
هناك أفقتُ من غمرات سكري = وليلي من مواجعها مَروعُ
وأحيتني عزيمتُها وباتت = مواجعُها تئِنُّ لها الضلوعُ
وأهدتني طفولتُها دروساً = بها يُتَبَوَّأُ الشرفُ الرفيعُ
فيا مليارَ أمتنا أفيقوا = عفتْ من بعد (ريحانَ) الرُّبوعُ
فهل بدمائها التاريخُ يُنبي = بأنَّا قد تملَّكنا الخضُوعُ
وأنَّا كالغُثَاء , ولا غُثاءٌ = ويُسلمُنا إلى الضَعَةِ الخُنُوعُ
وهلْ تاريخُنا سيقول: إنا = غداةَ أصابَ (غزةَ) ما يرُوعُ
ونادتْ حينَها (ريحانُ) تبكي = تناسى قرحَها الشملُ الصديعُ
ولم تتداعَ أجسادٌ بحُمّى = فنحنُ اليومَ شتى , لا جميعُ
بخلنا حينما (ريحانُ) ناحتْ = فلم تقطُر لنا أبداً دموعُ
فيا تاريخُ لا تجحدْ بأنِّي = فتى لنداء (ريحان) تَبُوعُ
وأنَّ جراحَ (غزّة) شاطرتني = حياتي , والفؤادُ بها ولوعُ
أتوقُ لنصرةِ الضعفاء فيها = فإسْلامي لهم سمٌّ نقيعُ
فمن لي بالعبور إلى حماها = لتكتُبَ أنني رجلٌ دفوعُ
وأنبِئ قارئيكَ بأنَّ فينا = أباةً لن ينالهمُ الخضوعُ
أذاقوا الكافرينَ الويلَ موتاً = وسالَ بهم على الأرضِ النجيعُ
وأنَّا أمّةٌ مهما دهاها = فإن زوالَ محنتِها سريعُ
ولا تجحد بأنَّ الأرضَ أطَّتْ = غداةَ تظاهرتْ فيها الجمُوعُ
فيا ربَّ العوالمِ ليس يخفى = عليكَ اليومَ ما فعلَ الجَزوعُ
أبادوا بالقذائفِ ألفَ نفسٍ = وأحْرقتِ المساجدُ والزُّروعُ
وتُغتالُ الطُّفولةُ كل يومٍ = بصاروخٍ فما تغني الدموعُ
وهذا العالمُ الباغي رماهمْ = على وترٍ , لينتصرَ الهلوعُ
فعجِّل يا إلهي بانفراجٍ = فأنت لكل من يشكو سميعُ
وألحقهُم بأهل السبتِ لعناً = بجندٍ منكَ أمرهمُ جميعُ
وصلِّ على المؤيدِ - منكَ فضلاً - = برعبٍ ليس تدفعُهُ الدروعُ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jan 2009, 12:43 ص]ـ
محمود الشنقيطي;69052
وعلى لسان أحد أولئك وضعتُ هذه المحاولة الشعرية التي أسأل ربي أن يجعلها خيراً للكاتب والقارئ والسامع
لا فض فوك، حقا إن من الشعر لحكمة.
أسأل الله العظيم أن ينصر أهل غزة على الأنجاس الأرجاس اليهود.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Jan 2009, 10:26 م]ـ
رغم هول المشهد وقتامته ..
وعظم المصاب وفجاعته ..
أرى بصيصا من ضوء يلوح عبر هذا الكلمات المضيئة من مثل هؤلاء الشبيبة ..
عماد الأمة ومستقبلها ..
فما أقرب قلوبهم .. لكن حين تجد من يجيد تحريكها.
أثرت- أخي محمود- بألَقك وشجاك قلوبنا ..
زادك الله من خيره ..
وأقر عينيك دنيا وأخرى.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[10 Jan 2009, 08:23 م]ـ
شكر الله لكما وجزاكُما خيراً.