[كلمات في الولاء والبراء للشيخ عبد العزيز العبداللطيف]
ـ[الكوكب المنير]ــــــــ[06 Nov 2008, 02:07 م]ـ
كلمات في الولاء والبراء
من الانحرافات الظاهرة التي تبدو طافية على السطح في مثل هذه الأيام ما نسمعه ونقرؤه من نشاط محموم ومكثف من أجل إقامة» السلام «مع يهود، وإنهاء الصراع معهم في ظل الوفاق الدولي. ومن جانب آخر نشاهد كثرة ما يعقد في الساحة من مؤتمرات وملتقيات للتقارب بين الأديان! والحوار والزمالة - بالذات - بين الإسلام والنصرانية .. وتلحظ على هؤلاء المشاركين في تلك المؤتمرات ممن يحسبون من أهل الإسلام هزيمة بالغة في نفوسهم، وحبّاً للدعة والراحة .. وكرهاً للجهاد وتوابعه، فالإسلام دين السلام والوئام و «التعايش السلمي»! حتى قال أحدهم: هيئة الأمم المتحدة تأخذ بالحل الإسلامي لمعالجة المشكلات التي تواجه الإنسانية! (1) كما تلمس من كلامهم استعداداً كاملاً للارتماء في أحضان الغرب .. فضلاً عن جهلهم المركب بعقيدة الإسلام الصحيح .. ومن أهمها عقيدة الولاء والبراء ..
وهذه المكائد والمخططات - عموماً - حلقة من حلقات سابقة تستهدف القضاء على عقيدة البراءة من الكفار وبغضهم .. إضافة إلى كيد المبتدعة من الباطنيين وأشباههم .. ومع هذه الحملة الشرسة والمنظمة من أجل مسخ عقيدة البراء فإنك ترى - في الوقت نفسه - الفرقة والشحناء بين الدعاة المنتسبين لأهل السنة، ولأجل هذا وذاك، أحببت أن أؤكد على موضوع الولاء والبراء من خلال النقاط التالية.
- 1 -
إن الولاء والبراء من الإيمان، بل هو شرط من الإيمان، كما قال سبحانه: ((تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وفِي العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * ولَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والنَّبِيِّ ومَا أُنزِلَ إلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ ولَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)) [المائدة:80 - 81].
يقول ابن تيمية عن هذه الآية:» فذكر جملة شرطية تقتضي أن إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف "لو" التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط فقال: ((ولَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والنَّبِيِّ ومَا أُنزِلَ إلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ)) فدل ذلك على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، لا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء، ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي، وما أنزل إليه .. «(2).
والولاء والبراء أيضاً أوثق عرى الإيمان، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله» رواه أحمد والحاكم.
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب: «فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد، أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله .. ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء، لم يكن فرقاناً بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» (3).
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبايع أصحابه على تحقيق هذا الأصل العظيم، فقد قال عليه الصلاة والسلام:» أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشركين «رواه النسائي وأحمد.
وتأمل معي هذه العبارة الرائعة التي سطرها أبو الوفاء بن عقيل (ت 513 هـ):
«إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة، عاش ابن الراوندي والمعري عليهما لعائن الله ينظمون وينثرون كفراً .. وعاشوا سنين، وعظمت قبورهم، واشتريت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب» (4).
- 2 -
¥