هل تأملت قوله تعالى: ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى)) [آل عمران:36]، (إن الذكر يختلف عن الأنثى، والأنثى تختلف عن الذكر أيضًا، ولا شك أنه دون الوعي بأن الرجال والنساء مختلفون؛ فإن العلاقة بين الجنسين تكون معرَّضة لإشكالات كثيرة، وقد تُصاب بالتوتر أو الغضب تجاه الطرف الثاني؛ لنسياننا هذه الحقائق المهمة.
لقد سمعت أزواجًا وزوجات يقولون: إن الرجل بحر غامض، والمرأة لغز كبير، والموضوع بمنتهى البساطة ـ بعيدًا عن الألغاز والغموض ـ، أن هناك فروقًا مهمة بين الرجل والمرأة، جسدية ونفسية، وأن فهم طبيعة هذه الفروق؛ من شأنه أن يغير حياتهم، ويزيد من قدرتهم على التعايش الزوجي، وعدم فهم هذه الفروق؛ يؤدي إلى تفكيك العلاقة الزوجية، وهدم الحياة الطبيعية).
(إن الرجال والنساء يختلفون عن بعضهم في طريقة الحوار، والكلام، والتفكير، والشعور، والإدراك، وردود الأفعال، والاستجابات، والحب، والاحتياجات، وطريقة التقدير، وأسلوب التعبير عن الحب).
(والمهم أن يعرف الزوجان، أن هذا الزواج يجمع بين فردين، لكل منهما شخصيته، وأفكاره، وميوله، وذوقه، وعواطفه، واحتياجاته، وما يحب، وما يكره).
وخطر تجاهل هذه الاختلافات خطر كبير؛ ذلك أن (إخفاء كم هائل من التراب تحت السجادة لا يجعلها تختفي؛ وإنما تعرقلك، وربما أوقعتك حين تغامر وتحاول عبور هذه النقطة في الغرفة، وإنكار الاختلافات الحقيقية من شأنه أن يزيد من حجم الارتباك، الذي أخذ ينتشر في هذا العصر الزاخر بالعلاقات المتغيرة).
إن وجود اختلافات في صفات الرجل والمرأة؛ معناه تحقيق التكامل بينهما، والاختلاف في الخصائص يؤدي إلى اختلاف نوعية وظيفة كل منهما.
ومن هنا جاءت الصفات المميزة للرجولة، والصفات المميزة كالأنوثة:
فمن صفات الرجل مثلًا: الخشونة والصلابة وقوة العضلات، وبطء الانفعال والاستجابة، واستخدام الوعي والتفكير قبل الحركة والاستجابة، والقوة في الحق والشهامة، والشجاعة عند موضع الشجاعة، والنخوة عند موضع النخوة ... إلخ، من صفات تتناسب مع وظيفته، وهو مكلف بصراع الحياة، والسعي لطلب المعاش، وجهاد الأعداء، وتأمين الحماية والأمن لبيته وأسرته.
ومن صفات الأنوثة: الرقة والعطف، وسرعة الانفعال، والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة بغير سابق تفكير، والحرص على تماسك الأسرة، وحب المديح، الدفء، النعومة، الحساسية، الحنان، التفاني في خدمة أولادها ... إلخ.
وهذه الخصائص تتناسب مع وظيفتها، وهي الحاضنة والحارسة على بيتها وأولادها، وهي أسمى وظيفة، وظيفة الأمومة.
(ويبدو أن الرجل بشكل عام يقدر موضوع "الاستقلالية"، بينما تقدر المرأة جانب "المودة"، ولذلك نجد الزوجة تفكر "لو كان يحبني؛ لما غادر المنزل دون أن يسلِّم علي"، بينما يفكر الزوج "هل تريد أن تسيطر علي؟ ولماذا علي أن أفعل دومًا ما تطلبه مني؟! ").
الحب أولًا أم الفهم؟
اختلفت أنا وزوجي، أيهما الأهم في الترتيب، الحب أم الفهم في الحياة الزوجية؟! فكان رأيه أن الحب في بداية الزواج ليس حبًا حقيقيًا، إنما نسميه بمسماه الحقيقي، وهو "الميل القلبي"، وهو الميل الفطري الطبيعي بين الجنسين، ولكن الفهم والتفاهم بين الزوجين، يعمق الحب وينميه مع الأيام، إذًا يمكننا أن نسأل: "هل الحب وحده يكفي لاستمرار الحياة الزوجية؟! ".
(قد تستطيع المحبة وحدها حفظ الزواج لبعض الوقت ـ وإن كان زواجًا فيه الكثير من الخلافات والمشكلات ـ، وإنما لابد مع الحب من الفهم العميق والصحيح للفروق بين الرجل والمرأة، ومعرفة الطريقة الأنسب للتعامل مع الجنس الآخر؛ حتى تسود بينهما المودة والرحمة، إننا عندما نتعرف على الفروق الفردية بين الجنسين، فإننا سنكتشف طريقًا جديدة للتكيف والتعامل مع الجنس الآخر وتحسين العلاقاتنا.
ودراسة الفروق بين الجنسين تكوِّن لدينا فهمًا عميقًا عن الآخر، وهذا الفهم العميق يولد المحبة والمودة والاحترام أيضًا، وهذا الفهم سيولد نوعية من الاقتراحات والبدائل لحل كثير من المشكلات، على ضوء هذا الفهم.
إن هذا الفهم الإيجابي لهذه الفروق، سيرشدنا إلى اقتراحات عملية، تخفف من الإحباط وخيبات الأمل، وتزيد من السعادة والمودة، ويمكننا هذا الفهم من معرفة كيفية الاستماع للطرف الآخر، وكيفية تقديم الدعم والتشجيع المطلوبين.
¥