تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها، فإنه أقرب إلى حصول المقصود، وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها، ولا تحصل الفائدة منها بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها.

وقوله: [إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ] علم السبب الذي أداه إلى الضلال، وعلم أعماله المترتبة على ضلالته وسيجازيه عليها.

[وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ] علم أنهم يصلحون للهداية فهداهم ثم منَّ عليهم فاجتباهم. اهـ تفسير السعدي: [1/ 453]

ـ[جمال القرش]ــــــــ[22 Nov 2008, 07:52 م]ـ

وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: [ادع إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ] [سورة المائدة:16/ 125].

فإن كانت دعوته إلى الله بقسوة وعنف وخرق، فإنها تضر أكثر مما تنفع، فلا ينبغي أن يسند الأمر بالمعروف إسناداً مطلقاً، إلا لمن جمع بين العلم والحكمة والصبر على أذى الناس، لأن الأمر بالمعروف وظيفة الرسل، وأتباعهم وهو مستلزم للأذى من الناس، لأنهم مجبولون بالطبع على معاداة من يتعرض لهم في أهوائهم الفاسدة، وأغراضهم الباطلة، ولذا قال العبد الصالح لقمان الحكيم لولده، فيما قص الله عنه:

قوله تعالى: [وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ] الآية [31/ 17]، ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم لورقة بن نوفل "أو مخرجي هم؟ " يعني قريشاً أخبره ورقة أن هذا الدين الذي جاء به لم يأت به أحد إلا عودي، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما ترك الحق لعمر صديقاً، واعلم أنه لا يحكم على الأمر بأنه منكر، إلا إذا قام على ذلك دليل من كتاب الله تعالى، أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أو إجماع المسلمين.

وأما إن كان من مسائل الاجتهاد، فيما لا نص فيه فلا يحكم على أحد المجتهدين المختلفين بأنه مرتكب منكراً، فالمصيب منهم مأجور بإصابته، والمخطىء منهم معذور كما هو معروف في محله الآية [57/ 25] أضواء البيان في إيضاح القرآن 6/ 241.

ـ[جمال القرش]ــــــــ[24 Nov 2008, 03:53 م]ـ

يتابع بإذن الله

وقال العلامة الشنقيطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: [فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى].أمر الله جل وعلا نبيه موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام: أن يقولا لفرعون في حال تبليغ رسالة الله إليه [قَوْلاً لَيِّناً] , أي: كلاماً لطيفاً سهلاً رقيقاً، ليس فيه ما يغضب وينفر. وقد بيّن جل وعلا المراد بالقول اللين في هذه الآية بقوله: [اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى] , وهذا والله غاية لين الكلام ولطافته, ورقته, كما ترى. وما أمر به موسى وهارون في هذه الآية الكريمة أشار له تعالى في غير هذا الموضع، كقوله [ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ].

مسألة: يؤخذ من هذه الآية الكريمة: أن الدعوة إلى الله يجب أن تكون بالرِّفق واللِّين. لا بالقسوة والشدة والعنف. كما بيناه في سورة "المائدة" في الكلام على قوله تعالى: [عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ]. وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: "قال يزيد الرقاشي عند قوله [فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً]: يا من يتحبب إلى من يعاديه، فكيف بمن يتولاه ويناديه؟ " ا. هـ 21/ 27

وقال رحمه الله: تفسير قوله تعال: [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ] [سورة الحج] واعلم أنه يفهم من دليل خطاب هذه الآية الكريمة، أعني مفهوم مخالفتها: أنه من يجادل بعلم على ضوء هدى كتاب منير، كهذا القرآن العظيم، ليحق الحق، ويبطل الباطل بتلك المجادلة الحسنة أن ذلك سائغ محمود لأن مفهوم قوله [بِغَيْرِ عِلْمٍ] أنه إن كان بعلم، فالأمر بخلاف ذلك، وليس في ذلك اتباع للشيطان، ويدل لهذا المفهوم المذكور قوله تعالى [ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ] وقوله تعالى [وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ].

وقال الفخر الرازي في تفسيره: هذه الآية بمفهومها تدل على جواز المجادلة الحقة، لأن تخصيص المجادلة مع عدم العلم بالدلائل، يدل على أن المجادلة مع العلم جائزة، فالمجادلة الباطلة: هي المراد من قوله [مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً] والمجادلة الحقة هي المراد من قوله [وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ] ا هـ. منه.

أضواء البيان في إيضاح القرآن 23/ 19.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير