يقول المترجم له صاحب الفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العقيل: لما ألح علي أولادي وبعض مشايخنا وزملائنا وطلابنا بأن أكتب ترجمة حياتي، وأذكر مامر علي، أو ماجرى لي في مدة عمري، ولاسيما ما يتعلق بطلبي للعلم ولقائي المشايخ وبعملي الوظيفي، فسودت من ذلك بعض الشيء.
ولما اطلع عليها الشيخ محمد زياد تكلة، طلب مني أن يتولاها ويلخصها ويهذبها وينقحها، ويثبت ما يصلح للنشر منها وكرر علي هذا الطلب فأذنت له بذلك، فقام بذلك خير قيام وجعله في هذه العجالة المختصرة، وأضاف إليها ثبت إجازاتي ومروياتي وأسماء مشايخي وبعض تلاميذي.
وقد اطلعت على ماصنعه فأجزته، وأذنت له بنشره. ص7.
يقول المؤلف الشيخ محمد التكلة وفقه الله في مقدمته للكتاب:
وإن من أجل من عرفت من العلماء فيما أحسب: شيخنا الفقيه المسند العلامة الجليل، سماحة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العقيل حفظه الله تعالى.
أما في الفقه فقد قيل فيه: شيخ الحنابلة في عصرنا، والمدخل إلى فقه أحمد بن حنبل.
وأما في الإسناد: فقد اجتمع فيه شرط المشارقة والمغاربة في العلو.
ثم قال حفظه الله مبيناً سبب جمعه:
ثم إني أحببت وأنا أقل تلامذته أن أجمع استفادتي من علمه وأدبه وسمته وأن أخدمه خدمة أكافئ فيها بعض حقه علي وشيئاَ من إحسانه إلي.
وتحدث كذلك عن شيء من جهده في جمع الترجمة فقال وفقه الله:
وكان شيخنا حفظه الله قد أمدني بمسودات أملاها عن ذكرياته وحياته فانتقيت منها ورتبت واستفدت غاية الاستفادة وزدت عليها كثيراً من خلال سؤالاتي وملازمتي له، واستكتاب وسؤال بعض ذوي الصلة مع شيخنا ومطالعة الكتب.
وختم مقدمته قائلاً:
وإني لأرجو أن أكون وفقت في تحرير عدة مسائل قل التطرق إليها عند المتأخرين، ومن أبرزها تحرير أسانيد الفقه الحنبلي، وأسانيد سماع الكتب الثمانية وغير ذلك مما يراه الناظر. ص9 ـ 11.
من فوائد الكتاب:
1 ـ سأل فضيلة الشيخ عبدالله العقيل حفظه الله وأطال عمره على طاعته عن متن دليل الطالب ومتن زاد المستقنع أيهما يدرس طالب العلم في الفقه الحنبلي، فأجاب وفقه الله:
كان الأوائل من طلبة العلم يفضلون أن يبدأ طالب العلم بحفظ متن الدليل لوضوح عبارته وسهولة حفظه، وينشدون لذلك:
يامن يريد لفقهه في الدين خير مطالب
اقرأ لشرح المنتهى واحفظ دليل الطالب
فهو أحسن من زاد المستقنع ترتيباً، و أوضح أسلوباً لأنه في كل باب يذكر الشروط والواجبات والأركان والأقسام على وجه التفصيل، اختصره مؤلفه الشيخ مرعي من متن المنتهى، وجعله على وضعه وترتيبه، أما متن الزاد فهو أجمع وأكثر مسائل، إلا أن مؤلفه بالغ في اختصاره، رحم الله الجميع. ص28.
2 ـ يقول الشيخ عبدالله أمتع الله به:
كنا في مجالس الدرس والمذاكرة مع بعض الإخوان نحرص على جمع الفوائد وحصر بعض الأنواع والتقاسيم والشروط ونحوها، وربما جمعناها في بيت شعر أو بيتين فمن ذلك التفسير عند قوله تعالى: (ولقد ءاتينا موسى تسع ءآيات بينات) جمعتها في بيتين وهما:
يد والعصا ثم الجراد وقُمّل ضفادع دم والسنين وطوفان
وتاسعها نقص الثمار فهذه لموسى علامات كبار وبرهان
ومن ذلك جمع آيات السجدات الأربعة عشر في بيتين هما:
بأعراف رعد النحل سبحان مريم بحج بحج ثم جاءت بفرقان
ونمل يليه سجدة ثم فصلت ونجم انشقاق اقرأ بغير تواني
ص 68.
3 ـ يقول الشيخ عبدالله حفظه الله عن دروس شيخه محمد بن إبراهيم رحمه الله مفتي الديار السعودية السابق:
وربما في بعض الأيام ترك الجلسة، وهذا إذا لم يحضر للدروس قبل ذلك لأنه بعد صلاة العشاء يستعرض دروس الغد ويراجع عليها بعض الشروح.
قال المؤلف الشيخ محمد التكلة في الحاشية معلقاً على كلام الشيخ عبدالله بن عقيل:
هذه فائدة جليلة فمع كون الشيخ محمد بن إبراهيم من أكابر علماء عصره إلا أنه يتورع عن التدريس دون مراجعة وتحضير، وكذلك كان تلميذه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، إذا كان درسه في بلوغ المرام يقول لطلابه أحياناً: شُغلنا البارحة عن التحضير، أو يقول: لا درس في البلوغ اليوم، فاقرؤا عليّ كتاباً آخر.
هكذا حدثنا تلميذه الشيخ عبدالعزيز بن قاسم. ص107 ـ 108.
4 ـ يقول الشيخ عبدالله حفظه الله عن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب الأضواء:
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي كنت أزوره في المدينة وكان يحبنا جزاه الله خيراً، فكان يأذن لي أرتقي ثلاثة أدوار، بيت سراديب من هنا ومن هنا، بعد المغرب يأذن لي حتى نأتي السطح لأجل الحر، وكان يصنف كتابه أضواء البيان وإذا صنف منه فأنا من أوائل من يعطيه.
والشيخ محمد المختار الشنقيطي أيضاً كان يلقي دروساً في الحرم، وله ولد الآن يمدحونه، جيد بالحيل (بالحيل يعني جداً)، ولكن ماقدر لي أن أراه، جئت المدينة عدة مرات، وماتمكنت من الاجتماع به. ص 160.
قلت: يقصد فضلية الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي وفقه الله وحفظه.
5 ـ قال المؤلف محمد التكلة وفقه الله عن الشيخ في معرض بيانه لمذهب الشيخ الفقهي:
ويعتني شيخنا بنقل اختيارات وترجيحات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ويعتمد غالب اختيارات شيخه ابن سعدي وربما استشهد باختيارات ابن عثيمين.
قال المؤلف في الحاشية:
وهذا من تواضع شيخنا وتجرده للفائدة والعلم، فالشيخ ابن عثيمين رحمه الله يصغر شيخنا ببضع عشرة سنة، وتتلمذ عليه شيئاً، ثم صار من زملائه عند الشيخ ابن سعدي، وفي التحضير والمذاكرة خارج درسه. ص183.
إلى غير ذلك من الفوائد التي يزخر بها الكتاب.
حفظ الله سماحة الشيخ عبدالله العقيل وأمد في عمره على طاعته وبارك فيه وفي علمه.
¥