وهي طبعة مقابلة على عدة نسخ خطية، ذكر المحققون هذه النسخ في مقدمتهم (ص411 - 414)، ووضعوا عدة صور منها (ص420 - 431) - وتتفق النسخ التي اعتمدها محققوها مع النسخ التي اعتمدها محققو طبعة الرسالة تقريبًا – وراجعوا بعض الكتب التي لها تعلق مباشر بالمسند مثل «جامع المسانيد» لابن كثير، و «أطراف المسند» لابن حجر، و «غاية المقصد في زوائد المسند» للهيثمي، و «ترتيب أسماء الصحابة» لابن عساكر.
وقد بُذل فيها جهدٌ جهيدٌ، وضبط نصها ضبطًا جيدًا، وأثبتت فروق النسخ في الهوامش - وهي تُسَامي إن لم تكن تَفُوق طبعة الرسالة في ضبط النص وذكر فروق النسخ، فقد صرف محققوها عنايتهم إلى ذلك - وخُرِّجت أحاديثها تخريجًا مختصرًا، ونبَّه محققوها على زيادات عبد الله بن الإمام أحمد على المسند، وما رواه عن أبيه وعن غيره، باستخدام الرموز التالية قبل أرقام الأحاديث:
• دائرة سوداء لزيادات عبد الله.
? مربع أسود لما رواه عبد الله عن أبيه وعن غير أبيه.
* نجمة لما رواه عن أبيه وعن شيخ أبيه.
? مربع فارغ لما رواه عبد الله عن أبيه وجادة أو شك في سماعه.
* نجمة إشارة لزيادات القطيعي.
وصنعوا لها فهارس في مجلدين، شملت: فهرس الأحاديث والآثار، فهرس شيوخ الإمام أحمد، فهرس شيوخ عبد الله بن أحمد، فهرس شيوخ القطيعي.
وهي نسخة جيدة في الجملة، متوسطة الحجم، معقولة الثمن، إلا أنها لم تنتشر بين طلبة العلم.
ويُؤخذ على هذه الطبعة عدة أمورٍ:
منها: عدم كفاية النسخ التي اعتمدوها لتحقيق المسند؛ فقد وقع فيها نفس السقط الذي وقع في الطبعة الميمنية القديمة، مما دفعهم إلى محاولة استكماله من الكتب التي اعتنت بالمسند؛ كما تقدم.
ومنها: أنه لم يفصل منهج العمل في المقدمة الطويلة التي جاءت في مجلدة مفردة، على أنه بوب فيها (ص414): «خطة العمل في تحقيق المسند» وكُتب تحت هذا الباب ست صفحات لم يُفصَّل فيها خطة ولم يُبين فيها منهجٌ واضحٌ للعمل.
ومنها: مقدمتها التي كتب عليها: بقلم أبي صهيب الكرمي بالتنسيق مع المستشرق السويدي جان جاربيه جامعة لندن. وهي مقدمة سيئة، أول ما يلفت النظر فيها أن كاتبها - الذي لم يجرؤ أن يُصرح باسمه - كتبها بالتعاون مع رجل مستشرق غير مسلم، وكتب مقدمة لكتاب لم يُذكر أنه عمل فيه أصلًا، ثم فيها تشكيك في أحاديث الصحيحين، وفيها من حدة الانتقاد التي تصل إلى حدٍ لا يُطاق حين يُقال في حق فضيلة العلَّامة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: وهذا تدليس رخيص وتمويه فاسد وجهل بألف باء علم حديث. اهـ. أيُقال هذا عن العلَّامة أحمد شاكر، ألا يدري المتكلم عمَّن يتكلم؟! إنه لاشك يتكلم عمَّن هو أعلم منه بمراحل، نعم ما هو بمعصوم كما قرر الشيخ نفسه ذلك في مقدمته - وقد تقدمت - وعند الله تجتمع الخصوم، وقد آذى هذا الكاتب نفسه بهذا الكلام، ولعل هذه المقدمة السيئة من أسباب عدم انتشار هذه النسخة مع جودتها ورُخصٍِ ثمنها بالموازنة بطبعة مؤسسة الرسالة.
هذه إشارة وجيزة إلى أشهر طبعات المسند التي وقفت عليها، بما لها وما عليها.
وقد شرَّفني الله تبارك وتعالى بالمشاركة في تحقيق أكمل طبعات «المسند» وأدقها إلى الآن، استغرق عملنا فيها سنوات طوال، تحت إشراف فضيلة الأستاذ الدكتور الكريم أحمد معبد عبد الكريم جزاه الله خيرًا، وستصدر قريبًا بإذن الله تعالى عن جمعية المكنز الإسلامي، وتقع في أربع عشرة مجلدة من القطع الكبير، وقد اعتمدنا في إصدارها تسعًا وثلاثين نسخة، جمعناها من مكتباتٍ كثيرةٍ مفرقةٍ في أربع قارات، بعضها كامل وأكثرها قطع، منها ست عشرة نسخة يُطبع عليها «المسند» لأول مرةٍٍ، لم يعتمدها محققو نسخة الرسالة ولا غيرهم، وقد بلغت أحاديث المسند بترقيمنا 28295 حديث، وقد وفقنا الله لاستدراك السقط الواقع في كل النسخ المطبوعة قبلنا بما فيها طبعة مؤسسة الرسالة، وقد تجاوز السقط في موضعٍ واحدٍ مائة حديث.
وقد اتبعنا منهجًا علميًّا دقيقًا؛ فقابلنا الكتاب على كل هذه النسخ، وعلى النسخ المساعدة الكثيرة - مثل: «جامع المسانيد بألخص الأسانيد» لابن الجوزي، والموجود من «ترتيب المسند» لابن المحب، و «جامع المسانيد والسنن» لابن كثير، و «غاية المقصد في زوائد المسند» للهيثمي - وأثبتنا الصواب أو الأصوب في المتن، وعللنا الاختيار وذكرنا فروق النسخ في الهوامش، وضبطنا الكتاب بالشكل ضبطًا كاملًا معتبرين ضبط النسخ الخطية الموثقة، ووجهنا ما يحتاج إلى توجيهٍ، وخرجنا الأحاديث تخريجًا موجزًا حتى لا يكبر حجم الكتاب، وقدمنا للكتاب بحمد الله بمقدمةٍ قيِّمةٍ، فيها أبحاثٌ علميةٌ دقيقةٌ، ترجمنا فيها للإمام أحمد ترجمة موجزة، وترجمنا كذلك لمشاهير رواة «المسند» وأشرنا إلى طبقات رواة «المسند»، وأشرنا إلى أهمية المسند وعناية العلماء به قديمًا وحديثًا، وحقَّقنا القول في زيادات عبد الله بن الإمام أحمد وأنواعها بما لا تجده في موضع آخر ولله الحمد والمنة، وكذلك حقَّقنا القول في زيادات القطيعى على «المسند»، وأن زياداته نادرةٌ، وأنَّ مجموعها أحد عشر حديثًا فقط، منها عشرة أحاديث وقعت في موضعٍ واحد ٍمميزة بأنها من زيادات القطيعي، ووصفنا كل النسخ التي اعتمدناها وصفًا دقيقًا، وبيَّنا ميزات طبعتنا وتفردها عن سائر الطبعات، وغير ذلك من الأبحاث القيمة.
وقد أثنى على هذه الطبعة كل من رأها، والحمد لله رب العالمين.
والذي أقوله بعد عملي في هذه الطبعة من «المسند» نحو خمس سنين: إنه لم يُخدم كتابٌ من كتب السُّنة بعد «صحيح البخاري» مثلما خُدم «المسند» في هذه الطبعة، ولله الحمد والمنَّة، وليس الخبر كالمعاينة. انتهى بحروفه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مصدر الموضوع مع ردود بعض الأعضاء ( http://majles.alukah.net/newreply.php?do=newreply&p=131168)
¥