تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بل ذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى تقديم الجهاد بالمال في حال مداهمة العدو لأرض المسلمين - دون جهاد الطلب - على الوفاء بالدين:

فقال في الفتاوى الكبرى: (ج4 ص507): (فَإِنْ كَانَ الْجِهَادُ الْمُتَعَيِّنُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ كَمَا إذَا حَضَرَهُ الْعَدُوُّ أَوْ حَضَرَ الصَّفَّ قُدِّمَ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ كَالنَّفَقَةِ وَأَوْلَى)

وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير الاّية السابعة والسبعين بعد المئة من سورة البقرة: (واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنه يجب صرف المال إليها. قال مالك رحمه اللّه: يجب على الناس فداء أسراهم وإن استغرق ذلك أموالهم. وهذا إجماع أيضا)

وقال الفقيه الحنفي الجصاص رحمه الله في أحكام القراّن في تفسيره للاّية الحادية والأربعين من سورة التوبة: (فأكد الله تعالى فرض الجهاد على سائر المكلفين بهذه الآية، وبغيرها على حسب الإمكان، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:84] فأوجب عليه فرض الجهاد من وجهين: أحدهما: بنفسه، ومباشرة القتال وحضوره، والآخر: بالتحريض والحث والبيان لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له مال فلم يذكر فيما فرضه عليه إنفاق المال، وقال لغيره: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} فألزم من كان من أهل القتال وله مال فرض الجهاد بنفسه وماله، ثم قال في آية أخرى: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} فلم يخل من أسقط عنه فرض الجهاد بنفسه وماله للعجز والعدم من إيجاب فرضه بالنصح لله ورسوله، فليس أحد من المكلفين إلا وعليه فرض الجهاد على مراتبه التي وصفنا.)

قلتُ:ونصيحتهم لله ورسوله تكون بمعاونتهم بما يُستطاع من وسائل أخرى كمقاطعة بضائعهم، ونشر قضيتهم، وبعدم الإرجاف والتثبيط، والتضرع إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء لهم، فالدعاء سلاح فعال، وما أعجب ما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله في السير (ج6 ص121) حيث قال: (قال الاصمعي: لما صاف قتيبة بن مسلم للترك، وهاله أمرهم، سأل عن محمد بن واسع.

فقيل: هو ذاك في الميمنة جامح على قوسه، يبصبص بأصبعه نحو السماء.

قال: تلك الاصبع أحب إلي من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير.)

فلننفر جميعا نصرةً لإخواننا إن لم يكن بالنفس فبالمال، وليكن شعارُنا جميعا قولَ الله تعالى في سورة البلد: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14))

والمسغبة هي المجاعة، فيتأكد الإطعام والإنفاق في زمن المجاعات:

قال الإمام المرداوي رحمه الله في الإنصاف (ج3 ص188): (الصدقة زمن المجاعة لا يعدلها شيء لا سيما الجار خصوصا القرابة)

و لا يفتن في عضدك تخاذل حكام المسلمين وكثير من شعوبهم، فالزم الحق ولو كنت وحدَك، ولْنختم بهذه النصيحة من الإمام ابن العربي رحمه الله حيث قال في أحكام القراّن في تفسير الاّية الحادية والأربعين من سورة التوبة: (يَعْمِدَ مَنْ رَأَى تَقْصِيرَ الْخَلْقِ إلَى أَسِيرٍ وَاحِدٍ فَيَفْدِيَهُ؛ فَإِنَّ الْأَغْنِيَاءَ لَوْ اقْتَسَمُوا فِدَاءَ الْأَسْرَى مَا لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا أَقَلُّ مِنْ دِرْهَمٍ لِلرَّجُلِ الْوَاحِدِ، فَإِذَا فَدَى الْوَاحِدُ فَقَدْ أَدَّى فِي الْوَاحِدِ5 أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَلْزَمُهُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَيَغْزُو بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا جَهَّزَ غَازِيًا. فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:"مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا، وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ فَقَدْ غَزَا ".)

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين.

ـ[مرهف]ــــــــ[28 Dec 2008, 01:34 ص]ـ

يقول مصطفى صادق الرافعي في كتابه وحي القلم:

(لو سئلت ما الإسلام في معناه الاجتماعي؟، لسألت: كم عدد المسلمين؟.

فإن قيل: ثلاث مئة مليون، قلت: فالإسلام هو الفكرة التي يجب أن يكون لها ثلاث مئة مليون قوة.

أيجوع أخوانكم أيها المسلمون وتشبعون؟، إن هذا الشبع ذنب يعاقب الله عليه.

والغنى اليوم في الأغنياء الممسكين عن إخوانهم هو وصف الأغنياء باللؤم لا بالغنى.

كل ما يبذله المسلمون لفلسطين يدل دلالات كثيرة أقلها سياسة المقاومة.

كان أسلافكم أيها المسلمون يفتحون الممالك، فافتحوا أنتم أيديكم ..

لماذا كانت القبلة في الإسلام إلا لتعتاد الوجوه كلها أن تتحول إلى الجهة الواحدة؟

لماذا ارتفعت المآذن إلا ليعتاد المسلمون رفع الصوت في الحق؟

أيها المسلمون كونوا هناك .. كونوا هناك مع أخوانكم بمعنى من المعاني.

لو صام العالم الإسلامي كله يوما واحدا وبذل نفقات هذا اليوم الواحد لفلسطين لأغناها.

لو صام المسلمون كلهم يوما واحدا لإعانة فلسطين لقال النبي صلى الله عليه وسلم مفاخرا الأنبياء: هذه أمتي.

لو صام المسلمون جميعا يوما واحدا لفلسطين لقال اليهود اليوم ما قاله آباؤهم من قبل: إن فيها قوما جبارين.

أيها المسلمون هذا موطن يزيد فيه معنى المال المبذول، فيكون شيئا سماويا

كل قرش يبذله المسلم لفسطين يتكلم يوم الحساب يقول: يا رب أنا إيمان فلان).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير