تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتمضي الأيام، وتبرز النكهة المميزة لكتابات الراشد حين قامت الحكومة الأمريكية بحملتها على الجمعيات والمنظمات الخيرية الإغاثية، ففزع مدير العربية ليكتب مقالةً عنوانها (منع العمل الإغاثي الخارجي) ذكَّر فيها بأن الدول العربية كلها دول فقيرة، وبالتالي فعليها أن توجه تبرعات محسنيها للداخل فقط لا غير! (الشرق الأوسط 5/ 12/1422هـ).

وتمشياً مع الهوى الأمريكي عند موت ياسر عرفات كتب الراشد مقالةً حثَّ فيها السلطة الفلسطينية الجديدة على مواجهة حركتي حماس والجهاد، وإيقاف أنشطتهما ضد الإسرائيليين بشكل لا تردد فيه. (حرب أهلية). (الشرق الأوسط 17/ 10/1425هـ).

وقبل ذلك لما اغتال اليهود الشيخ أحمد ياسين ـ رحمه الله ـ لم يجد الراشد ما يكتبه سوى مقالاً عنوانه (دعوا الانتقام) ألحَّ فيه على منظمة حماس كي لا تنساق وراء (المشاعر الغاضبة)، وذكَّرها بأن (الانتقام عملٌ أعمى) وأن أحمد ياسين كان من (الذين يحملون أرواحهم على أكفهم)، وأن قتله كان متوقعاً في أي لحظة، فلا معنى ـ إذاً ـ للانتقام! (الشرق الأوسط 7/ 2/1425هـ).

هذه بعض مواقف الراشد ذات النكهة الأمريكية المركزة، ولدي من مثلها الكثير والكثير. لكن مع معرفتي القديمة بنزعات الراشد وميوله الغربية الأمريكية، فإني لم أكد أصدق عينيَّ وأنا أقرأ ما ذكره في آخر مكاشفاته ـ صراحةً ودون مواربة ـ حين أعلن أن الأمريكيين والغربيين (فقط) هم القادرون على فهم دين الإسلام فهماً صحيحاً، لأنهم متى دخلوا في دين الإسلام فسوف يتوصلون إلى (إسلام بروتستانتي مطوَّر يقوم على أركان الإسلام الخمسة ببدلة وكرافتة، متسامح في حقوق المرأة والعلاقات الاجتماعية ومع الديانات الأخرى). هذه عبارة الراشد نقلتها بحرفها, وهي مقولةٌ لا تشير إلى معضلة فكرية فحسب، بل هي إعلان رسمي بأن عقل الأستاذ وآليات التفكير لديه تكاد تتحوَّل إلى منطقة منكوبة.

هذا الكلام الأخير معناه أن الفهم العصري الصحيح لدين الإسلام، والذي سوف يرضى عنه عبدالرحمن الراشد لم يوجد إلى الآن، وأنه لا يمكن أن يوجد حتى يتفرغ الغربيون ليدخلوا في دين الإسلام ثم يفسروه لنا تفسيراً صحيحاً مطوراً وبروتستانتياً متسامحاً!

هذه النظرة الموغلة في التطرف لا تستحق الوقوف معها كثيراً، لكن الذي يعنيني منها أنها أسقطت دعوى الراشد التي أطلقها في الحلقة الثانية من المكاشفات حين زعم أنه كان يرى في والده النموذج الصحيح لعالم الدين، وأنه ليس لديه مشكلة مع المتدينين ولا مع الوهابيين القدماء، وإنما مشكلته فقط مع التيار الصحوي المتأخر. فمن الواضح الآن أن الراشد لديه مشكلة مع مسلمي المشرق كلهم لأنهم ـ في رأيه ـ يفهمون الدين فهماً خاطئاً يفتقر إلى التسامح البروتستانتي العظيم!

عبدالرحمن الراشد سبق أن كتب منتقداً الجنود المسلمين في الجيش الأمريكي الذين يمتنعون عن القتال ضد إخوانهم المسلمين في العراق أو أفغانستان، ولما سأله الأستاذ عبدالعزيز قاسم عن موقفه هذا، ذكر أنه فقط كان يشرح وجهة نظر (العالم الجليل) يوسف القرضاوي. وكأن الراشد نسي أو تناسي أنه سبق أن وصف ذلك (العالم الجليل) على صفحات الشرق الأوسط بأنه (زعيم فرقة التطرف)، وأن (له دوراً خطيراً في تخريب فكر المسلمين ودفعهم نحو الإيمان بالحرب والخطف والقتل) وأنه من (الشيوخ الحُمر) الذين يقومون بحركة انفصالية من خلال طرح أنفسهم بدلاء لمجامع الفتوى في العالم الإسلامي. هكذا كان الراشد يصور القرضاوي لقرائه، لكن لما صدرت الزلة وأطلق القرضاوي فتوى أمريكية النكهة والهوى أحسَّ الراشد بطعمها وحلاوتها في حلقه، فتنبه حينئذٍ إلى أن القرضاوي: (عالم جليل) يستحق أن تفرد مقالة لشرح وجهة نظره.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير