الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ [الناس: 5]
وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46]
أنظر و لاحظ كيف رجعنا إلى كلمة صدور .. كلام واضح يا أخي محمود
و الله تعالى قد جعل كلامه شفاء لما في هذه الصدور من وسوسة ..
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [يونس: 57]
.. وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ [التوبة: 14]
الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28]
أما استدلالكم بقول الله تعالى:
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً [الإسراء: 82]
و هل الله تعالى قال.: و لا يزيد الظالمين إلا أمراضا .. ؟؟
بل الله تعالى يقر لنا و بصريح العبارة أن الذي يهجر كلام الله و لا يعمل به على مراد الله .. سوف تتسلط عليه وساوس الشياطين و يضل الطريق .. !!!
هذه هي الخسارة الكبرى و لا خسارة بعدها أكبر منها ...
و الحاصل أن كلام الله الذي تنزل علينا هدفه هو كما تبينه هذه الآية:
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ [التكوير: 27]
لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ [التكوير: 28]
و قد جاء في كلامكم .. :
(وأمَّا المُتَّفقُ عليه تواتراً أنَّ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها قالتْ وهي أعلمُ بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبرُّ عندنا وأزكى من بلفاع تقول رضي الله عنها: كَانَ النَّبِىّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.)
يجب أن نعي جيدا لماذا قرأ الرسول على نفسه هذه المعوذتين .. ؟؟
نرجع قليلا إلى الوراء .. و في سورة .. (ص)
فعندما ابتلى الله سيدنا أيوب بالمرض ما قال و ما ذا طلب .. ؟ قال:
وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ [صـ: 41]
و قال أيضا:
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء: 83]
فسيدنا أيوب طلب من خالقه أن يحميه من كيد الشيطان لأن الشيطان يتربص و يتسلط على الإنسان أثناء مرضه و يكثف من وسوسته حتى يسقط ذلك العبد في القنوط .. و على هذا الأساس فسيدنا أيوب أو رسولنا الكريم محمد هلى الله عليه و سلم .. إلتزما بهذه الوصفة كي يبعد الله الشيطان عنهم .. لأن الله هو الوحيد الذي يستطيع ان يبعد عنهم هذا العدو الخطير .. و لا يبتعد من الإنسان إلا بقراءة القرآن عليه لأنه (الشيطان) لا يتحمل سماع كلام الله .. فهذا هو السبب الرئيسي في قراءة القرآن .. لأن خطورة و كيد الشيطان و وسوسته .. أكبر من خطورة المرض .. نعم يا أخي هذا هو الأصل ..
و سيدنا أيوب قد قال و نادى ربه:
أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
فهو يدعو خالقه و يناجيه .. و يقول له أن هذا الضر الذي سلطه الله عليه لا يشفيه إلا الله وحده (طبعا مع الأخذ بالأسباب في العلاج) .. و الله تعالى يعلمنا من خلال هذه القصة أن نلتجأ .. ونتيقن ... و نتوكل على الله قبل التوكل على الطبيب و الدواء ... إلخ
فهذا هو المراد من القصة .. و الدليل أن الله تعالى قال لنا في نهاية الآية أن هذه الوصفة العلاجية (ذكرى للعابدين)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء: 84]
و الله المستعان على ما أقول و أستغفر الله لي و لكم و السلام عليكم
أخي الكريم مع عدم استقامة استدلالك سأسلمُ لك جدلاً أن مصيبٌ في كل ما قلت , ولكنَّ قولك أن لا شفاء لأمراض الأعضاء بالقرآن يعارضُ ويناقضُ كلامَ وإقرارَ وتوجيهَ وأمرَ من أنزل عليه القرآن صلى الله عليه وسلم فقد صحَّت السنة بأنهُ دخل على عائشة رضي الله عنها وعندها امرأةٌ تعالجها فقال صلى الله عليه وسلم (عالجيها بكتاب الله) , والحديثُ في صحيح ابن حبَّان.
¥