أما القصة المشهورة في ذهاب عمر رضي الله عنه إلى أخته وختنه سعيد بن زيد وضربه لأخته وسماعه لصدر من صورة طه وفي رواية سورة الحديد .. ثم ذهابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم وإسلامه .. فهذه رواياتها:
1 - أشهرها ما جاء عن أنس بن مالك
روى الأئمة عن القاسم بن عثمان البصري عن أنس رضي الله عنه قال:
خرج عمر متقلدا بالسيف فلقيه رجل من بني زهرة فقال له: أين تغدو يا عمر؟ قال: أريد أن أقتل محمدا، قال: وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك! قال: أفلا أدلك على العجب؟!
إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك، فمشى عمر زائرا حتى أتاهما، وعندهما خباب، فلما سمع خباب بحس عمر، توارى في البيت، فدخل عليهما فقال:
ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرؤون {طه} .. فقالا: ما عدا حديثا تحدثنا به، قال: فلعلكما قد صبأتما؟ فقال له ختنه: يا عمر، إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأ شديدا، فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها، فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها، فقال عمر:
أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه؟ فقالت أخته: إنك رجس وإنه {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة-79] فقم فتوضأ، فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ {طه} حتى انتهى إلى قوله: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه-14]، فقال عمر: دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر، خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك - ليلة الخميس- اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمرو بن هشام .. فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي دلائل البيهقي:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا. قال: فانطلق عمر حتى أتى الدار، وعلى باب الدار حمزة وطلحة، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر فقال حمزة: هذا عمر إن يرد الله بعمر خيرا يسلم فيتبع النبي صلى الله عليه وسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا.
قال: والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله عز وجل بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة، فهذا عمر بن الخطاب: «اللهم أعز الإسلام أو الدين بعمر بن الخطاب» فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وأسلم وقال: اخرج يا رسول الله.
قال البيهقي: وقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي، وقال في الحديث: وكان عمر يقرأ الكتب، فقرأ طه حتى إذا بلغ {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} طه-15، إلى قوله {فَتَرْدَى} وقرأ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} حتى بلغ {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ} فأسلم عند ذلك.
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (3/ 267) والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 93) وفي السنن (1/ 88) مختصراُ، والداراقطني (1/ 123) مختصرا، وابن الجوزي في مناقب عمر (ص15) وابن عساكر في تاريخ دمشق (44/ 22) كلهم من رواية إسحاق بن يوسف الأزرق (وهو ثقة) عن القاسم بن عثمان البصري .. ذكره ابن حبان في الثقات (5/ 307) وقال: القاسم بن عثمان أبو العلاء من أهل البصرة ربما أخطأ يروى عن أنس روى عنه إسحاق بن يوسف. اهـ
وذكره العقيلى (3/ 480) في الضعفاء، وقال الذهبي في الميزان (3/ 375): قال البخاري: له أحاديث لا يتابع عليها .. قلت (الذهبي): حدث بقصة إسلام عمر، وهي منكرة جداً. اهـ وعليه فالحديث لا يصح لأن مداره على القاسم وقد عرفنا حاله. ورواها ابن إسحاق في السيرة بلاغاً وبلاغاته لا شيء.
2 - رواية أسلم مولى عمر
وهي شبيهة بحديث أنس لا تختلف في مضمونها عن الرواية السابقة إلا قليلا ..
¥