قلت: رواه الطبراني في المعجم الكبير (12/ 60) والواحدي في أسباب النزول (1/ 160) وابن عساكر في تاريخ دمشق (44/ 39) وابن الأثير في أسد الغابة (2/ 314) كلهم من طريق إسحاق بن بشر الكاهلي وهو متهم بالكذب والوضع كما في الجرح والتعديل وميزان الاعتدال وفيه أيضاً خلف بن خليفة صدوق اختلط.
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عمر قال المشركون: قد انتصف القوم اليوم منا وأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 61): وفيه النضر أبو عمر وهو متروك.
والحديث أيضا منكر كما قال ابن كثير رحمه الله عند تفسيرها: وقد روى سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير أن هذه الآية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أنزلت حين أسلم عمر، وفي هذا نظر، لأن الآية مدنية وإسلام عمر كان بمكة بعد الهجرة إلى أرض الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة.
خاتمة:
ظهر لي من روايات قصة إسلام عمر على كثرتها .. قضايا مهمة:
الأولى: ما وقر في قلبه قبل إسلامه ففيه الصحيح والمقبول، ولدخول الإسلام قلبه أسباب شتى، ولعل أصلها دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له.
الثانية: ذهابه إلى بيت أخته وإيذائها وزوجها سعيد بن زيد .. وهذا نقله أكثر من روى قصة إسلامه على ضعف رواياتها، ولكن مجموعها يثبت أنه جرى بأي صورة كان، فإنهم وإن كانوا ضعفاء فبعيد أن يتواطأوا على مثل هذا، وإن كان من الاختلاف الظاهر فيما وجده وقرأه من قرآن (طه – الحديد – العلق).
الثالثة: ذهابه إلى بيت الأرقم بن أبي الأرقم وإعلان إسلامه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أما قصة ذهابه للحجر وسماعه لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس فيها ما يعضده. وقد جاءت باختلاف كثير وطرق مختلفة ..
الرابعة: قد صح أيضا قصص لما حدث بعد إسلامه كما ذكرنا أعلاه ..
ويكفينا ما جاء عن ابن مسعود في الصحيح قوله رضي الله عنه وأرضاه: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر ..
ولا داعي أن أكتب عن فضائله وشمائله فهي كثيرة معروفة .. وإنما فقط أحببت أن أذكر أهم وأشهر الروايات في قصة إسلام أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وأرضاه ..
وهذا جهد المقل ودلوه الضعيف ..
وأسأل الله أن يغفر لي الخطأ والزلل ..
وأرجو ممن مر على هذا الممر أن يصحح ما فيه من خطأ، أو يبين لنا فائدة، وأن يدعو لأخيه بظاهر الغيب ليقول الملك له ولك بمثل كما صح في الحديث ..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[14 May 2009, 04:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم وجعلها في موازين حسناتكم شاهدة لكم.
..
كثرة الشواهد والمتابعات إن كانت كلها ضعيفة جدا فإنها لا تُقَوِّي بعضُها بعضًا، بل تَزيد بعضُها بعضًا ضعفًا كما هو مقرر عند علماء الحديث.
وروايات إسلام عمر المجموعة هنا والمحققة إسنادا يعوزها تحقيق المتن أيضا ليتم (جني الثمر من قصة إسلام عمر) من مثل:
1 - قال شيخنا الشيخ عثمان بن محمد الخميس في إحدى محاضراته لنا – بما معناه –: في إحدى الروايات أن فاطمة أخت عمر رفضت إعطاء عمر الصحيفة بحجة أنه جنب، ثم قام فتوضأ فأعطته الصحيفة، والصحيح أن الكافر لا تنتفي نجاسته بمجرد وضوئه، فكيف فات على فاطمة بل وعلى زوجها سعيد بن زيد هذا المعنى؟
2 - قال أيضا شيخنا الخميس في تلك المحاضرة – بما معناه –: من حيث الجانب النفسي هل من الممكن أن يأتي كافر قوي شجاع ليوسِع زوج أخته ضربا ثم يصك أخته صكة تدميها ويطلب ما بيدها فترفض إلا أن يتوضأ، فيذهب وهو إذ ذاك على تلك الحال من فورة الغضب وسورته ليلبي طلب التوضؤ مِن قِبَل من أغْضَبَتْهُ!
3 - قلتُ: اختلاف الروايات في معرفة عمر الكتابة؛ ففي رواية القاسم بن عثمان (ثم أخذ الكتاب فقرأ)، وفي رواية أسلم مولى عمر (ففتحتها فإذا فيها) وفي رواية الزهري عن عبدالرزاق (وكان عمر لا يكتب)، والدارس لتأريخ المصحف الشريف يجد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان من القلائل في قريش الذين يكتبون.
¥