وعند البخاري وأحمد عن ابن عباس: أن رسول الله ? كان يعوذ حسنا وحسينا يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، وكان يقول: كان إبراهيم أبي يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق.
[رواه البخاري 3371 وأحمد 1/ 236 وأبو داود 4737]
قال ابن حجر في فتح الباري:
بكلمات الله قيل المراد بها كلامه على الإطلاق وقيل أقضيته وقيل ما وعد والمراد بالتامة الكاملة وقيل النافعة وقيل الشافية وقيل المباركة وقيل القاضية التي تمضي وتستمر ولا يردها شيء ولا يدخلها نقص ولا عيب ..
قال الخطابي: كان أحمد يستدل بهذا الحديث على أن كلام الله غير مخلوق ويحتج بأن النبي ? لا يستعيذ بمخلوق ..
وقوله: من كل شيطان: يدخل تحته شياطين الإنس والجن ..
وهامة: بالتشديد واحدة الهوام ذوات السموم وقيل كل ما له سم يقتل فأما ما لا يقتل سمه فيقال له السوام وقيل المراد كل نسمة تهم بسوء.
قوله: ومن كل عين لامة قال الخطابي: المراد به كل داء وآفة تلم بالإنسان من جنون وخبل، وقال ابن الأنباري: يعني أنها تأتي في وقت بعد وقت ..
وقال لامة ليؤاخي لفظ هامة لكونه أخف على اللسان. اهـ
• التعوذ من شر الشيطان وشركه
في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قال: قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك. [رواه أحمد 1/ 9 وأبو داود 5067 والترمذي 3392 وصححه الألباني]
قال في تحفة الأحوذي:
قوله أعوذ بك من شر نفسي: أي من ظهور السيئات الباطنية التي جبلت النفس عليها ومن شر الشيطان أي وسوسته وإغوائه وإضلاله ..
وشركه بكسر الشين وسكون الراء أي ما يدعو إليه من الإشراك بالله ..
ويروى بفتحتين أي مصائده وحبائله التي يفتتن بها الناس.
قال ابن القيم: قد تضمن هذا الحديث الاستعاذة من الشر وأسبابه وغايته فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس أو من الشيطان، وغايته إما أن يعود على العامل أو على أخيه المسلم فتضمن الحديث مصدري الشر الذي يصدر عنهما وغايتيه اللتين يصل إليهما. اهـ
فإن قيل: لم قدم الاستعاذة من شر النفس مع أن شر الشيطان أهم في الدفع وكيده ومحاربته أشد من النفس وشرها وفسادها إنما ينشأ من وسوسته ومن ثم أفردت له في التنزيل سورة تامة بخلافها؟
قيل: الظاهر أنه جعله من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى.
أو يقال: أن النفس هي محل قبول إغواء الشيطان ووساوسه، فالاستعاذة منها أي من ضعفها وتسليم قياد أمرها للشيطان .. والله أعلم
• فائدة الاستعاذة عند الجماع
في الصحيحين عن ابن عباس قال، قال رسول الله ?:
لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه.
[البخاري 3283 ومسلم 1434 وأبو داود 2161]
قال في عمدة القاري: قوله: لم يضره .. أي لم يضر الشيطان الولد يعني لا يكون له عليه سلطان ببركة اسمه عز وجل بل يكون من جملة العباد المحفوظين المذكورين في قوله: ? إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ?
ويقال يحتمل أن يؤخذ قوله لم يضره عاما فيدخل تحته الضرر الديني ويحتمل أن يؤخذ خاصا بالنسبة إلى الضرر البدني بمعنى أن الشيطان لا يتخبطه ولا يداخله بما يضر عقله وبدنه وهو الأقرب وإن كان التخصيص خلاف الأصل لأنا إذا حملناه على العموم اقتضى أن يكون الولد معصوما عن المعاصي وقد لا يتفق ذلك ولا بد من وقوع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام أما إذا حملناه على الضرر في العقل والبدن فلا يمتنع ..
وقال القاضي عياض: قيل المراد أنه لا يصرعه الشيطان وقيل لا يطعن فيه عند ولادته بخلاف غيره قال ولم نحمله على العموم في جميع الضرر لوجود الوسوسة والإغواء يعني الحمل على فعل المعاصي ..
وقال الداودي: لم يضره بأن يفتنه بالكفر. اهـ
ومن فوائد الحديث:
الأولى: فيه استحباب التسمية والدعاء المذكور في ابتداء الوقاع.
¥