الثانية: فيه الاعتصام بذكر الله تعالى ودعائه من الشيطان والتبرك باسمه والاستشعار بأن الله تعالى هو الميسر لذلك العمل والمعين عليه.
الثالثة: فيه الحث على المحافظة على تسميته ودعائه في كل حال حتى في حال ملاذ الإنسان ..
وقال ابن بطال: فيه الحث على ذكر الله في كل وقت على طهارة وغيرها ورد قول من قال لا يذكر الله تعالى إلا وهو طاهر ومن كره ذكر الله تعالى على حالتين على الخلاء وعلى الوقاع .. اهـ
• الاستعاذة عند السفر ودخول الفلوات
روت خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله ? يقول: من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل. [أخرجه مسلم 2708 وأحمد 6/ 377 والترمذي 3437]
وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله ? إذا سافر فأقبل الليل قال: يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما خلق فيك وشر ما يدب عليك وأعوذ بالله من شر أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن ساكن البلد ومن والد وما ولد. وقد ضعفه علماء الحديث ..
[رواه أبو داود 2603 وأحمد 2/ 132 وضعفه الألباني]
والأسود: الشخص، وساكن البلد: هم الجن سكان الأرض والبلد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان وإن لم يكن فيه بناء ومنازل.
ويحتمل أن يكون المراد بالوالد: إبليس، وبالولد: الشياطين.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ? قال:
لا تسبوا الشيطان، وتعوذوا بالله من شره.
قال المناوي في فيض القدير:
(لا تسبوا الشيطان) فإن السب لا يدفع عنكم ضرره ولا يغني عنكم من عداوته شيئا، ولكن (تعوذوا بالله من شره) فإنه المالك لأمره الدافع لكيده عمن شاء من عباده. اهـ
• هل يجوز سب الشيطان؟
في الحديث السابق: لا تسبوا الشيطان و تعوذوا بالله من شره.
[قال الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 547) رواه أبو طاهر المخلص (9/ 196/2) وعنه الديلمي (4/ 148) وتمام في فوائده (122/ 1) وأبو عبد الله الغضائري في أحاديثه (204/ 2) عن عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني قال: حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا. قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الغفار بن داود فمن رجال البخاري. اهـ .. قلت: وعنعنة الأعمش عن أبي صالح السمان مع شهرته بالتدليس ليست هاهنا .. قال سبط ابن العجمي في التبيين لأسماء المدلسين (1/ 31): في ترجمة الأعمش في الميزان يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال حدثنا فلا كلام ومتى قال عن تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان فان روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال. انتهى.]
ومن النهي عن سب الشيطان أيضا: صح عن النبي ? أنه قال لأبي مليح وكان رديفه: لا تقل تعس الشيطان فإنك إن قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوتي صرعته وإذا قلت بسم الله خنس حتى يصير مثل الذباب.
[رواه أحمد 5/ 59 وأبو داود 4928 والحاكم 4/ 324 وصححه الألباني]
ومن الفوائد في هذا الباب:
روى الإمام مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول: أعوذ بالله منك، ثم قال: ألعنك بلعنة الله، ثلاثا، وبسط يده كأنه يتناول شيئا، فلما فرغ من الصلاة قلنا: يا رسول الله: قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك، قال: إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي، فقلت: أعوذ بالله ثلاث مرات، ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة، فلم يستأخر ثلاث مرات، ثم أردت أخذه، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة».
[رواه مسلم (542) والنسائي (1215) وابن حبان (1979) وأبو عوانة (2/ 144) وأبو نعيم في دلائل النبوة (2/ 475) والبيهقي (2/ 264)]
- وجاء في كتاب الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا (ص 205) عن مجاهد رحمه الله أنه قال: قل ما ذكر الشيطان قوم إلا حضرهم، فإذا سمع أحدا يلعنه قال: لقد لعنت ملعونا، ولا شيء أقطع لظهره من: لا إله إلا الله.
قلت: وإسناده صحيح متصل إلى مجاهد، قال ابن أبي الدنيا: حدثنا داود بن عمرو حدثنا عباد بن العوام أنبأنا حصين قال: سمعت مجاهدا يقول .. فذكره.
¥