وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أنه سمع رسول الله ? يقول: أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً ما تقول ذلك يبقي من درنه (الوسخ)؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيئاً .. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا. [رواه البخاري 528 ومسلم 667]
• المسجد حصن حصين
روى ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن معقل قال:
كنا نتحدث أن المسجد حصن حصين من الشيطان.
[المصنف 7/ 115 وهناد في الزهد 2/ 473 من طريق الثوري عن الأعمش عنه]
وفي الباب أحاديث كثيرة في فضل المكث في المساجد .. منها حديث السبعة الذين يظلهم الله بظله وكان منهم: رجل كان قلبه معلقا بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه.
[أصله في الصحيحين والرواية للترمذي 2391 وغيره بسند صحيح]
وغيرها كثير فلتراجع في مظانها.
• الاستعاذة عند دخول المسجد والخروج منه
وعن أبي أسيد قال، قال رسول اللّه ?: إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَلْيُسَلِّم على النَّبيّ ? وَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أعِذْنِي مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ.
وفي رواية ابن ماجة: إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي ? وليقل اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم.
وفي رواية: أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم .. قال: فإذا قال ذلك، قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم. [رواه أبو داود 465 والنسائي 293 وابن ماجة 772 و940 وسنده صحيح]
الحرز الخامس
وهو فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس
قال ابن القيم:
فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأربعة
• فضول النظر
فإن فضول النظر يدعو إلى الاستحسان ووقوع صورة المنظور إليه في القلب والاشتغال به والفكرة في الظفر به فمبدأ الفتنة من فضول النظر كما قيل: النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن غض بصره لله أورثه الله حلاوة يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه [قلت: هذا نص حديث جاء مرفوعاً عن حذيفة في المستدرك 4/ 349 وصححه، وجاء عن ابن مسعود عند الطبراني في الكبير10/ 173 وعن ابن عمر في الحلية 6/ 101 وجاء عن غيرهم، وكثرة أسانيده تدل على أن له أصلاً]
فالحوادث العظام إنما كلها من فضول النظر فكم نظرة أعقبت حسرات لا حسرة كما قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر* ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها * فتك السهام بلا قوس ولا وتر.
وقال الآخر:
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا * لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر * عليه ولا عن بعضه أنت صابر.
والمقصود أن فضول النظر أصل البلاء ..
• فضول الكلام
وأما فضول الكلام فإنها تفتح للعبد أبوابا من الشر كلها مداخل للشيطان فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب كلها وكم من حرب جرتها كلمة واحدة وقد قال النبي لمعاذ: وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم. [رواه أحمد 5/ 321 والترمذي 2616 وإسناده صحيح لشواهده]
وأكثر المعاصي إنما تولدها من فضول الكلام والنظر وهما أوسع مداخل الشيطان فإن جارحتيهما لا يملان ولا يسأمان بخلاف شهوة البطن فإنه إذا امتلأ لم يبق فيه إرادة للطعام وأما العين واللسان فلو تركا لم يفترا من النظر والكلام فجنايتهما متسعة الأطراف كثيرة الشعب عظيمة الآفات وكان السلف يحذرون من فضول النظر كما يحذرون من فضول الكلام وكانوا يقولون ما شيء أحوج إلى طول السجن من اللسان.
• فضول الطعام
وأما فضول الطعام فهو داع إلى أنواع كثيرة من الشر فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي ويثقلها عن الطاعات وحسبك بهذين شرا فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام وكم من طاعة حال دونها فمن وقى شر بطنه فقد وقى شرا عظيما والشيطان أعظم ما يتحكم من الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام ولهذا قيل: ضيقوا مجاري الشيطان بالصوم ..
وقال النبي ?: ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن.
[رواه ابن ماجة 3349 وأحمد 4/ 132 وصححه الألباني]
ولو لم يكن في الامتلاء من الطعام إلا أنه يدعو إلى الغفلة عن ذكر الله ساعة واحدة جثم عليه الشيطان ووعده ومناه وشهاه وهام به في كل واد فإن النفس إذا شبعت تحركت وجالت وطافت على أبواب الشهوات وإذا جاعت سكنت وخشعت وذلت.
• مخالطة الناس
قال ابن القيم في بدائع الفوائد:
¥