تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نعم أخي .. وأنا تقديري أن سكوت الأخ جمال ليس لشخصي أو لكلامي، وإنما لتقديره للنصوص الصحيحة ولآراء علماء كبار على رأسهم الشيخين ابن تيمية وابن القيم وجمهور المفسرين .. فرأى أن التجاسر بمخالفتهم بغير دليل ليس جيدا .. والله أعلم بما يدور في خلده. ولعله يفصح قريبا إن شاء الله تعالى ..

وإن كانت حجتنا ليست هي رد الأخ جمال أو قبوله .. وإنما الدليل وحسب.

وقولك: أما الأخ أبو دعاء فأسئلته تلقي الضوء على قولنا أن سكوت النص الكريم عن تفصيل هذه الأحكام يشير إلى بعد وقوعها.

وهذا خطير في الدين أخي الحبيب .. أن ما لم يأتي فيه تفصيل النص القرآني يشير إلى بعد وقوعه .. وهو رد صريح للسنة ولعلك لم ترد ذلك ..

وهذه شبهة القرآنيون الذين يردون السنة ويتعلقون بظاهر القرآن وقد قال الحبيب فيما صح عنه: ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه .. الحديث.

ولكن راجع إجمال النص القرآني وتفصيل السنة في جميع أصول وفروع العقيدة والعبادة .. هذا أمر يكاد لا يخفى على طالب علم لوضوحه والإجماع عليه ..

وقولك أطلب منك أخي أن ترد عليّ بنص واحد فقط تراه الأقوى في الدلالة على أن الجن يجامع الإنس والعكس. وأريد نصاً واحداً متفقاً على صحته (وهذا رجاء) حتى أفسر لك كلام الأخ جمال. أما كلام العلماء فنناقشه بعد التحقق من النص.

أما عن النص فنعم:

في الصحيحين (خ7396 م1434 د2161) عن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان ولم يسلط عليه.

فالدعاء بتجنيب الشيطان ها هنا كالاستعاذة بالله منه، وأفاد أمرين:

الأول: ألا يجامع شيطان الجن مع الإنسي زوجته فيشاركه في الجماع.

والثاني: حماية المولود من الشيطان كي لا يسلط عليه بالأذى بأي صورة كانت.

وبنظرة متأنية يظهر لنا جملتان: اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا.

فالجملة الأولى: اللهم جنبنا الشيطان، خاصة بالزوجين عند الجماع ..

والجملة الثانية عطف على الأولى: وجنب الشيطان ما رزقتنا، ويراد بها المولود المرتقب من هذا الجماع. وهذا من أوضح ما يكون دليلا ..

وعليه جمهور شراح الحديث:

قال الحافظ في الفتح (9/ 229): وقيل لم يضره بمشاركة أبيه في جماع أمه كما جاء عن مجاهد أن الذي يجامع ولا يسمي يلتف الشيطان على إحليله فيجامع معه، ولعل هذا أقرب الأجوبة. اهـ من ابن حجر

فالسؤال الآن للعقلاء:

إذا كان الشيطان والجان يروننا ولا نراهم، فما فائدة هذا الدعاء؟

هل هو لئلا يرانا؟ أم أنه لئلا يجتمع مع الزوجين؟

ما معنى جنبنا؟ العلماء الذين نقلوا لنا الخبر هم الذين فسروه بهذا ..

قال المناوي في فيض القدير (5/ 390):

العلة ليست حدوث الولد فحسب بل هو إبعاد الشيطان حتى لا يشاركه في جماعه فقد ورد أنه يلتف على إحليله إذا لم يسم والأهل والولد من رزق الله. اهـ

رأي الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله

ويقول به الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع (12/ 416) قال:

فإن لم يسمِ فإن الشيطان ربما يضر ولده، وربما يشارك الإنسان في التمتع بالزوجة، قال الله تعالى للشيطان {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ} [الإسراء: 64] قال بعض العلماء: المشاركة في الأولاد أن الرجل إذا لم يسم عند الجماع فقد يشاركه الشيطان في التمتع بزوجته. اهـ

ويقول به شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم كما بينا أعلاه ..

فكما رضينا نقلهم للخبر، نرضى بتفسيرهم لمعناه.

وأذكر أيضا ما جاء في مصنف عبد الرزاق (7/ 410) عن ابن عيينة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه أن أبا موسى كتب إلى عمر في امرأة أتاها رجل وهي نائمة فقالت إن رجلا أتاني وأنا نائمة فوالله ما علمت حتى قذف في مثل شهاب النار، فكتب عمر تهامية تنومت قد يكون مثل هذا وأمر أن يدرأ عنها الحد.

وسنده حسن من أجل عاصم بن كليب وأبيه فإنهما صدوقان.

وفيه عن الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال بلغ عمر أن امرأة متعبدة حملت فقال عمر أراها قامت من الليل تصلي فخشعت فسجدت فأتاها غاو من الغواة فتحشمها فأتته فحدثته بذلك سواء فخلى سبيلها. وسنده صحيح.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير