تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أجب أحداً منهم ولا علمت باستغاثته، فقيل: هذا يكون مَلَكاً، فقلت: المَلَكُ لا يغيث المشرك، إنما هو شيطان أراد أن يضله " اهـ. مجموع الفتاوى (19/ 47 - 48)

أيها الأحبة هل يستقيم هذا الكلام هل بإمكان الشيطان أن يتصور في صور العلماء

كيف يمكننا معرفة أن من أفتى هو ابن تيمية نفسه وليس شيطانا يكرهه أو جنبا يحبه؟

ـ[ابو دعاء]ــــــــ[09 Jun 2009, 03:11 م]ـ

يورد ابن تيمية العديد من القصص من هذا النوع، في فتاواه وكتبه، حول الجن والشياطين وما يقومون به من أفعال وأحوال خارقة، لكننا نتساءل هنا كيف يجزم ابن تيمية، ومعه العديد من الفقهاء، بحقيقة هذه القصص ويقتنع كل الاقتناع أنهم كانوا جنا، وأن الشياطين هي التي كانت تساعد الحارث الدمشقي على التخلص من القيد، وتأتي بالدراهم والتين للشيخ الآخر، وتسرق وتقتل وتحمل الأطباق والنساء والصبيان وتحلق الرؤوس وتلبس الطواقي و ... ؟ (لو رأى ابن تيمية طائرة أو سمع مذياعا أو شاهد صلاة الفجر مباشرة على التلفاز من المسجد الحرام أو تكلم معه ابن القيم في الهاتف النقال لجزم، دون تردد، أن ذلك بفضل الجن والشياطين، لأن عقله في ذلك الزمان لا يمكنه أن يستوعب كل الأشياء الخارجة عن المعهود)، لمَ لم يرجع شيخ الإسلام تلك الأفعال الخارقة إلى حيلة من الحيل كما فعل في قصة الحلاج (حين خبأ الطعام والحلوى)، أوكما حدث له في وقائع أخرى نذكر واحدة منها تبين بوضوح مدى إعمال العقل في تفسير الأحداث، وهي قصة حدثت لابن تيمية شخصيا حين تحدى أحدا من أصحاب الأحوال الخارقة:

ـ قال (صاحب الحال رافعا صوته): نحن لنا الأحوال وكذا وكذا، وادعى الأحوال الخارقة كالنار وغيرها واختصاصهم بها، وأنهم يستحقون تسليم الحال إليهم لأجلها.

ـ فقلت (الكلام لابن تيمية) ورفعت صوتي وغضبت: أنا أخاطب كل أحمدى، من مشارق الأرض إلى مغاربها، أي شيء تفعلوه في النار فأنا أصنع مثل ما تصنعون ومن احترق فهو مغلوب - وربما قلت فعليه لعنة الله - ولكن بعد أن نغسل أجسامنا بالخل والماء الحار. فسألني الأمراء والناس عن ذلك، فقلت: لأن لهم حيلا في الاتصال بالنار يصنعونها من أشياء كدهن الضفادع وقشر النارنج وحجر الطلق ... فضج الناس بذلك، فأخذ يُظهر القدرة على ذلك فقال: أنا وأنت نُلف في بارية بعد أن تطلى أجسامنا بالكبريت فقلت: فقم، وأخذت أكرر عليه في القيام إلى ذلك فمد يده يظهر خلع القميص فقلت: لا حتى تغتسل في الماء الحار والخل فأظهر الوهم، على عادتهم، فقال: من كان يحب الأمير فليحضر خشبا أو قال حزمة حطب. فقلت: هذا تطويل وتفريق للجمع ولا يحصل به مقصود بل قنديل يوقد وأدخل أصبعى وأصبعك فيه بعد الغسل، ومن احترقت أصبعه فعليه لعنة الله، أو قلت فهو مغلوب، فلما قلت ذلك تغير وذل وبدا لي أن وجهه اصفر ... فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ...

في هذه الحكاية نرى ابن تيمية قد اقتنع، كل الاقتناع، بأن ما قاله وقام به الساحر هو نوع من الدجل والحيل، ووصل به الأمر إلى التحدي والمغامرة بإدخال أصبعه في النار، لأنه كان يعرف حق المعرفة السر الكامن وراء الادعاء، فبين للناس الحيلة التي استعملت لكي لا تحرقه النار (دهن الجسم بطلاء يصنع من دهن الضفادع وقشر النارنج وحجر الطلق): لم يفكر مطلقا أن وراء ذلك شيطانا أو جنا، لكنه في قصة الحارث الدمشقي أرجع التخلص من القيد إلى الشيطان، كما أن حمل رجل إلى أعلى جبل الصالحية هو أيضا بالنسبة إليه، بفعل شيطان ...

نلاحظ مما سبق أن ابن تيمية يرجع هذه الخوارق مرة إلى الحيل، حينما يحكم عقله ويتتبع الدليل ويكشف ألاعيب المدعين، لكنه في العديد من المرات، حينما يعجز عن إيجاد تفسير منطقي أو مادي لما يحدث أمامه أو ينقل إليه - وهو الغالب على قصصه-، يعترف بقوى الجن والشياطين، ويورد الكثير من الروايات التي تبين قدرة الجن على التصور بصور الإنس والتلبس بهم، وحملهم في الهواء أو فوق الماء، بل وقتل الإنس أو مساعدتهم على قضاء حوائجهم أو دعوتهم للإسلام. يقول في مكان آخر من الفتاوى: ... وتارة يأتون (أي الجن) إلى من هو خال في البرية، وقد يكون ملكا أو أميرا كبيرا ويكون كافرا، وقد انقطع عن أصحابه وعطش وخاف الموت (هذه هي الأوقات والحالات النفسية التي يمكن أن يستسلم فيها الإنسان للهلوسة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير