ـ[ابو دعاء]ــــــــ[11 Jun 2009, 01:17 م]ـ
هل تستطيع أن تنفي أن الكلب الأسود شيطان كما مر وذكرنا؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (19/ 52): {الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ} فَعَلَّلَ بِأَنَّهُ شَيْطَانٌ. وَهُوَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانُ الْكِلَابِ وَالْجِنُّ تَتَصَوَّرُ بِصُورَتِهِ كَثِيرًا وَكَذَلِكَ صُورَةُ الْقِطِّ الْأَسْوَدِ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ أَجْمَعُ لِلْقُوَى الشَّيْطَانِيَّةِ مِنْ غَيْرِهِ وَفِيهِ قُوَّةُ الْحَرَارَةِ. وَمِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى الْجِنِّ الذَّبَائِحُ فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَذْبَحُ لِلْجِنِّ وَهُوَ مِنْ الشِّرْكِ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ.
استكمالا للرد على الأدلة التي ترى أخي عادل أنها تؤكد على تشكل الجن أقول:
المشكل عند العديد من الناس هو في فهم محتوى الكلمات فكلمة شيطان تحتمل أن يكون من الجن أو الإنس أو الدواب
ورد في صحيح مسلم عن أبي ذر أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود» فقلت يا رسول الله ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر؟ فقال: «الكلب الأسود شيطان»، أي إنه شيطان الكلاب لشراسته وعدم الأمن من شره، ولعدم لفته الأنظار خاصة في حال الظلمة وضعف الرؤية فقد يأتي على غفلة فيثير المصلي ويقطع عليه صلاته تماما كما تثير المرأة الرجل وتفتنه عن الصلاة إذا مرت أمامه وهو في صلاته
والظاهر أن هذا الحديث متعلق بمن يصلي في مكان مفتوح يمر فيه الناس والحيوان .. والله أعلم
وكذلك قوله في الإبل «إنها جن» قال الشافعي في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت، أنه إنما كان يكره أن يصلي قرب الإبل، وأنه إنما قال ذلك على طريق التشبيه لها بالجن.
فالكلب الأسود شر الكلاب وأكثرها إثارة للنظر وقد يفتن المصلي خاصة في البادية، والإبل تشبه الجن في صعوبتها وصولتها، وهذا كما يقال: هذا الطفل شيطان، أو فلان شيطان، إذا كان صعبا شريرا ...
قال أبو جعفر: إنما سمي المتمرد من كل شيء شيطانا لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاق سائر جنسه، وبعده من الخير ... (تفسير الطبري).
الشيطان بهذا المعنى إذن، قد يعني الكلب الأسود الشرير، أو الإبل الصعبة المراس، كما قد يعني الحمار مجازا: يحكى عن عمر بن الخطاب رضي عنه أنه ركب برذونا فجعل يتبختر به، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترا فنزل عنه وقال: ما قلتوني إلا على شيطان، ما نزلت عنه حتى أنكرت نفسي.
الشيطان يعني أيضا نوعا من النباتات ونوعا من الحيات
قال تعالى: ?إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ? طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشَّيَاطِينِ? (الصافات/64 - 65).
ورد في لسان العرب أن للشياطين، في هذه الآية، ثلاثة معاني: أَحدها أَن طلعها يشبه، في قبحه، رؤوس الشياطين لأَنها موصوفة بالقُبْحِ، وإِن كانت غير مشاهَدة، فيقال كأَنه رأْس شيطان إِذا كان قبيحاً، فالشيطان قد يعني الشيء القبيح،
والثاني أَن الشياطين ضرب من الحيات، قبيحة الوجه، يسمى الواحد منها "ذو العُرْف"،
والعرب تسمي الحية شيطانا.
قال الشاعر يصف ناقته:
تلاعب مثنى حضرمي كأنه ??? تعمج شيطان بدي خروع قفر.
الشيطان هنا نوع من الحيات، وقد يعني الناقة، فالإبل تشبه الشياطين في صعوبتها وصولتها.
المعنى الثالث يشير إلى نبات قبيح يسمى فعلا "رؤوس الشياطين"؛
قال أَبو حنيفة أَخبرني أعرابي من أزد السَّراة قال: الزقوم شجرة غبراء صغيرة الورق مُدَوَّرَتُها، لا شوك لها، ذَفِرَةٌ مُرَّة، لها كَعابر في سُوقها كثيرة، ولها وُرَيْدٌ ضعيف جدا يَجْرُسُه النحل، ونَوْرَتُها بيضاء، ورأس ورقه قبيح جدا.
فالشيطان هنا نوع من النبات.
تطلق العرب أيضا على "الإِعصار": أَبا زَوْبَعةَ، ويقال فيه شيطان مارد، وزَوْبَعةُ: اسم شيطان مارد، أو رئيس من رؤساء الجن، ومنه سمي الإِعصار زوبعة، ويقال أيضا أُمّ زَوْبَعة.
¥