ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[11 Jun 2009, 10:23 م]ـ
جميل يا أبا دعاء ..
أعتقد أننا سنسير إلى مناقشة علمية هادفة .. بعيدة عن الافتراضات العقلية .. لكن هذا مرتبط بك أنت إذا سرت على هذا الأسلوب الأخير .. وإن كان فيه إجمالا سأبينه لك .. لكن على العموم أرجو أن نتعامل هكذا بعيدا عن الافتراض العقلي مقابل النصوص ..
وبالنسبة لموضوع تلبس الجن بالإنسان .. سنتكلم عليه هناك إن سمح وقتي بذلك إن شاء الله تعالى، وإلا فمن المؤكد أن كثير من الأخوة سيردون.
وبالنسبة لما قلته هنا أعلاه ,, فما أختلف معك فيه كثيرا في تفسير الشيطان وما يطلق عليه لفظ الشيطان مجازا .. وهذا بدهي لا يحتاج إلى نقاش ..
وفي حديث: الكلب الأسود شيطان: فهذا ليس معناه أن كل الكلاب السوداء شيطان في الحقيقة، وإنما أن الجن والشياطين يتشكلون به وبأمثاله من ذوات السواد كما ذكر شيخ الإسلام.
وسنبدأ المناقشة عن كل موضوع على حدة ..
معنى: الحيات مسخ الجن؟
أما موضوع مسخ الحيات؟ وسؤالك هل المسخ يعود إلى أصله؟ فأرجو أن تفهم علي جيداً هذا المبحث المهم ..
فأولا المسخ هو: قلب الخِلْقة من شيء إلى شيء أقبح .. كما في اللسان والتهذيب ..
وقال القرطبي: المسخ تبديل الخلقة وقلبها حجرا أو جمادا أو بهيمة.
وثانيا: قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن القردة والخنازير: هي مما مُسخ؟ فقال: إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا ولا عاقبة وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك.
رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود عن أم المؤمنين أم حبيبة، وأخرجه أحمد وغيرهما.
وقال القرطبي - رحمه الله - في تفسيره (1/ 440):
واختلف العلماء في الممسوخ هل ينسل على قولين: قال الزجاج: قال قوم يجوز أن تكون هذه القردة منهم. واختاره القاضي أبو بكر بن العربي.
وقال الجمهور: الممسوخ لا ينسل وإن القردة والخنازير وغيرهما كانت قبل ذلك، والذين مسخهم الله قد هلكوا ولم يبق لهم نسل، لأنه قد أصابهم السخط والعذاب، فلم يكن لهم قرار في الدنيا بعد ثلاثة أيام. قال ابن عباس: لم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام، ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل.
قال ابن عطية: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت أن الممسوخ لا ينسل ولا يأكل ولا يشرب ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام. قلت (القرطبي): هذا هو الصحيح من القولين. اهـ
فبان لنا من هذا العرض أيها الحبيب أمران مهمان جدا:
أن الممسوخ لا يعيش طويلا ولا يكون له نسل وذرية كما صح من حديث مسلم وكما قرره القرطبي .. وفي هذا إجابة على سؤالك: هل يعود المسخ إلى أصله؟ فالإجابة لا.
الأمر الثاني وهو المهم الذي يخصنا: وهو أنه إذا كان ذلك كذلك:
فإما أن تكون الحيات الموجودة هي الجن الممسوخ .. وهذا لا يصح لما قدمنا أعلاه من عدم بقاء الممسوخ وأن يكون له نسلاً.
وإما أن تكون هذه الحيات، حيات في الأصل وليست جنا وهذا صحيح في الجملة والإستثناء في الأحاديث يفيد أن بعضها وليس كلها جنا ..
وهذا ما يفيده حديث أبي سعيد في مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن نفر من الجن بالمدينة أسلموا فإذا رأيتم أحدا منهم فحذروه ثلاثة أيام ثم إن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه.
وفي رواية: فاقتلوه فإنما هو شيطان. وفي رواية: فاقتلوه فإنه كافر. وكلها روايات صحيحة عند مسلم وأصحاب السنن.
وقال ابن حجر في فتح الباري (6/ 349): قال أهل اللغة عمار البيوت سكانها من الجن.
فمعنى الحديث مرتبط بسبب وروده .. وهو قصة الفتى والحية العظيمة التي قتلها فقتلته ..
إذا ما هو وجه حديث ابن عباس: الحيات مسخ الجن؟
التقدير أنها كانت من مسخ الجن .. أو مسخ الجن على صورة الحيات، ولا يراد به أن الحيات الموجودة هي مسخ الجن لأن الممسوخ لا ينسل ولا يعيش كما مر ..
كما قال المناوي في فيض القدير (3/ 570): الظاهر أن المراد بعض الحيات لا كلها بدليل ما ذكر في أخبار أخر.
فالمراد أن الجن يتشكل على صورة الحيات، وهذا قاله جميع الشراح .. فخذ أمثلة على ذلك:
جاء في المنتقى شرح الموطأ للإمام أبي الوليد الباجي (4/ 428) قال:
¥