تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

?وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ? (البقرة/14)

اختلف المفسرون في المراد بالشياطين، في الآية الأخيرة، فقال ابن عباس والسدي: هم رؤساء الكفر، وقال الكلبي: هم شياطين الجن، وقال جمع من المفسرين: هم الكهان (تفسير القرطبي)، بينما فسر السعدي شياطينهم: برؤسائهم وكبرائهم في الشر، وقريبا منه ما قاله ابن كثير: شياطينهم، سادتهم وكبراؤهم ورؤساؤهم من أحبار اليهود، ورؤوس المشركين والمنافقين، وقال مجاهد: أصحابهم من المنافقين والمشركين، وقال قتادة: رؤوسهم وقادتهم في الشرك والشر (وهو قول أبي العالية والسُّدي والربيع بن أنَس وغيرهم)،

قال ابن جرير: وشياطين كل شيء مردته، ويكون الشيطان من الإنس والجن.

جاء في مسند الإمام أحمد عن أبي ذر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر: «تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن» فقلت أوَ للإنس شياطين؟ قال نعم، فالإنسان قد يصبح شيطانا مجازا أو أخا للشياطين إذا فعل أفعالهم، قال تعالى في سورة الإسراء: ? إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ? (الإسراء/27).

قال الشافعي في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن من جن خلقت، أنه إنما كان يكره أن يصلي قرب الإبل، وأنه إنما قال ذلك على طريق التشبيه لها بالجن.

وعن أبي سعيد الخدري قال بينا نحن نسير مع رسول صلى الله عليه وسلم بالعرج، إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خذوا الشيطان، أو أمسكوا الشيطان، لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا.» قال أبو عبيد: قال بعضهم المراد بهذا الشعر شعر هجي به النبي صلى الله عليه وسلم، وقال السلف الشعر هنا هو الشعر المذموم وهو الفحش ونحوه، وأما تسمية هذا الرجل الذي سمعه ينشد "شيطانا" فلعله كان كافرا، أو كان الشعر هو الغالب عليه، أو كان شعره هذا من المذموم،

وبالجملة فتسميته "شيطانا" إنما هو في قضية عين تتطرق إليها الاحتمالات المذكورة وغيرها ولا عموم لها.

فهنا كلمة شيطان تعني شيطان الإنس، وهي تدخل في عموم اللفظ، أي أن رجلا يفعل أفعال الشياطين من كلام مذموم فاحش وقبيح، وليس الشيطان بالألف واللام، وبمفهوم خصوص اللفظ، أي "الشيطان الرجيم"، ذلك الكائن الحي الذي لا نراه والذي سلط على ابن آدم.

لكل هذا، نظن أن كثيرا من الناس أخطأوا حينما فهموا أن الشيطان يتمثل حقيقة بصورة إنسان، والظاهر أن الإنسان يعمل عمل الشيطان فيصبح مثله مجازا.

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ.

ومعنى الحديث أنه يستحب لمن رأى امرأة فتحركت شهوته، أن يأتي امرأته ويواقعها ليدفع شهوته وتسكن نفسه ويجمع قلبه على ما هو بصدده. قوله صلى الله عليه وسلم «إن المرأة تقبل قي صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان»

قال العلماء معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها، لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بالنظر إليهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، فصورة الشيطان، في هذا الحديث، هي الدعاء إلى الفتنة والفاحشة، وقد أخطأ البعض حينما انطلقوا من مثل هذا الحديث فعمموا المعنى واعتبروا المرأة شيطانا بإطلاق، واتهموها بأنها أصل الشر. وبناء عليه فالشيطان ليس بإمكانه أن يتمثل في صورة المرأة، لأنه بكل بساطة يعجز عن فعل ذلك.

والله أعلم

....

ـ[ابو دعاء]ــــــــ[13 Jun 2009, 04:07 م]ـ

فعن شياطين الإنس نجد أحاديث كثيرة تبين ذلك، منها ما ورد في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا مر بين يدي أحدكم شيء وهو يصلي، فليمنعه، فإن أبى فليمنعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان".

وهناك رواية تجسد لنا كيف كان الصحابة يطبقون ما جاء في هذا الحديث: حدثنا أبو صالح السمان قال: رأيت أبا سعيد الخدري في يوم جمعة، يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد شاب من بني أبي معيط أن يجتاز بين يديه، فدفعه أبو سعيد في صدره، فنظر الشاب فلم يجد مساغا إلا بين يديه، فعاد ليجتاز، فدفعه أبو سعيد أشد من الأولى، فنال من أبي سعيد، ثم دخل على مروان، فشكا إليه ما لقي من أبي سعيد، ودخل أبو سعيد خلفه على مروان، فقال: ما لك ولابن أخيك يا أبا سعيد؟ قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان".

يستره: يحجز بينه وبين الناس، والشاب قيل الوليد بن عقبة وقيل غيره، يجتاز: يمر، مساغا: طريقا يمكنه المرور منها، فنال: تكلم عليه وشتمه، ولابن أخيك أي في الإسلام أو لأنه أصغر منه، فليقاتله: معناه الدفع بالقهر، لا جواز قتله، هو شيطان: فعله فعل شيطان. فهذا شيطان الإنس يمر أمام المصلي ويأبى الرجوع.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير