وهو ضعيف ولكنه يبين المراد في الحديث الأول .. فالاستشهاد بالضعيف على بيان معنى أو ما شابه لا إشكال فيه عند العلماء، بل جمهور منهم يعمل بالمرسل لا سيما ابن المسيب فانه من أقوي المراسيل كما هو مقرر.
ويشهد لمعناه حديث عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. صححه الألباني.
وقال أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار (8/ 530): والمعنى أن الجماعة وأقلها ثلاثة لا يهم بهم الشيطان ويبعد عنهم، وإنما سمي الواحد شيطانا والاثنان شيطانان .. فالمسافر وحده يبعد عن خير الرفيق وعونه والأنس به وتمريضه ودفع وسوسة النفس بحديثه ولا يؤمن على المسافر وحده أن يضطر إلى المشي بالليل فتعارضه الشياطين المردة هازلين ومتلاعبين ومفزعين وقد بلغنا ذلك عن جماعة المسافرين إذا سافروا منفردين.
قال العراقي: إن المعنى مع الراكب شيطان أو إن المعنى تشبيهه بالشيطان، لأن عادته الانفراد في الأماكن الخالية كالأودية والحشوش.
وقال الخطابي: معناه أن التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان وهو شيء يحمل عليه الشيطان ويدعوه إليه فقيل لذلك إن فاعله شيطان.
وقال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث (1/ 163):
ونحن نقول إنه أراد بقوله المسافر وحده شيطان معنى الوحشة بالانفراد والوحدة لأن الشيطان يطمع فيه كما يطمع فيه اللصوص ويطمع فيه السبع فإذا خرج وحده فقد تعرض للشيطان وتعرض لكل عاد عليه من السباع أو اللصوص.
ونقل كلامه وأقره عليه، المناوي في فيض القدير (4/ 57):
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي (1/ 40): وللشيطان بأمر الله قدرة تسلط في الخلاء ليس له في الملاء كما قال صلى الله عليه وسلم الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب.
وقال القاضي: سمى الواحد والاثنين شيطانا لمخالفة النهي عن التوحد في السفر والتعرض للآفات التي لا تندفع إلا بالكثرة ولأن المتوحد بالسفر تفوت عنه الجماعة ويعسر عليه التعيش ولعل الموت يدركه فلا يجد من يوصي إليه بإيفاء ديون الناس وأماناتهم وسائر ما يجب أو بين على المحتضر أن يوصي به ولم يكن ثم من يقوم بتجهيزه ودفنه ..
وقال الطبري: هذا زجر أدب وإرشاد لما يخاف على الواحد من الوحشة وليس بحرام فالسائر وحده بفلاة والبائت في بيت وحده لا يأمن من الاستيحاش سيما إن كان ذا فكرة رديئة أو قلب ضعيف. اهـ
وفي صحيح البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار أحد بليل أبدا.
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (12/ 35):
قال الطيبي: لأن الخطر بالليل أكثر فإن انبعاث الشر فيه أكثر والتحرز منه أصعب ومنه قولهم الليل أخفى للويل وقولهم أعذر الليل لأنه إذا أظلم كثر فيه الغدر لا سيما إذا كان راكبا فإن له خوف وجل المركوب من النفور من أدنى شيء والتهوي في الوهدة.
وقال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 670):
قد جاء في الحديث أن لله تعالى خلقا يبثهم بالليل وقد أمر بالاحتراز من أولئك فعن جابر بن عبد الله قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سمعتم نباح الكلاب ونهاق الحمير فتعوذوا بالله فإنها ترى مالا ترون وأقلوا الخروج إذا هدأت الرجل فإن الله عز وجل يبث في ليله من خلقه ما شاء. رواه أحمد وحسنه شعيب.
فلعلك بهذا الشرح الذي هو مبني على أحاديث أخر أو على كلام العلماء الثقات يتضح لك الأمر ..
وترد بها حججك العقلية لرد الأحاديث وإبطال مرادها ومعناها.
أسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق.
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[14 Jun 2009, 01:29 ص]ـ
أخي الكريم ..
صدقا والله .. ليس في الأمر ضيق .. ولو عارضتني عاما سأرد عليك ما أحياني الله إن رأيت حقا علي الرد والبيان ..
فلا ضيق ولا شيء ان شاء الله، إذ بغيتي الإفادة والعلم عند الله تعالى ..
ولكن لا تجعل الشهوة تأخذك الى رد الواضح، مثل ردك لقول الله (برجال من الجن)؟؟
فأنا أحرص على من يجادلني أن يكون في مستوى المناقشة ولا ينزل الى هذا الحد ..
فتفسير الآية لا يمنع وصف الله للجن بأن منهم رجال .. فهذا نص الكتاب الكريم فلا ترده بجرة قلم .. فتدخل بعد التحريف للمعنى فيما هو أشد منه، وهو رد لفظ القرآن .. عافاك الله من ذلك ..
فلا تنساق لنصرة رأيك برد ما هو منصوص عليه اتفاقا ..
وأنا في انتظار مشاركات فيها علم حقيقي ..
وأتمنى أن لا يكون ديدنك رد الحديث بالهوى والعقل، فقد قلت لك: أنا نقلت لكم ثلاثة علماء استشهدوا أن هذا الحديث يراد به الجن .. فانقل لي أنت من قال هم بشر وليسوا جنا ..
أليس هذا من العدل؟
كما أرجوا أن تسامحني إن خرجت مني حدة في بعض الأحيان، فغيرتي على السنة وكبار علماء الأمة أكبر في قلبي من والدي وأهلي .. لا سيما معارضة السنة وكلام العلماء بالعقل والافتراض .. فأرجوا أن تسامحونا على هذا ..
جزاكم الله خيرا.
¥