تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يحكي ابن تيمية قصصا كثيرة عن تشكل الجن في صور الإنس، وعن قدراتهم الخارقة، وعن تسخير الإنس لهم في شتى الميادين، من ذلك ما ذكره في دقائق التفسير قال: كان أصحاب الحلاج، لما قتل، يأتيهم من يقول إنه الحلاج فيرونه في صورته عيانا ... وكان صاحب سيما وشياطين تخدمه أحيانا ... وفي إحدى المرات كانوا معه على جبل أبى قبيس فطلبوا منه حلاوة، فذهب إلى مكان قريب منهم وجاء بصحن حلوى، فكشفوا الأمر فوجدوا ذلك قد سرق من دكان حلاوى باليمن حمله شيطان من تلك البقعة ... ومثل هذا يحصل كثيرا لغير الحلاج، ممن له حال شيطاني ونحن نعرف، يقول ابن تيمية، كثيرا من هؤلاء في زماننا وغير زماننا مثل شخص، هو الآن بدمشق، كان الشيطان يحمله من جبل الصالحية إلى قرية حول دمشق، فيجيء من الهوى إلى طاقة البيت الذي فيه الناس فيدخل وهم يرونه ... وآخر كان بالشويك، في قرية يقال لها الشاهدة، يطير في الهواء إلى رأس الجبل والناس يرونه وكان شيطان يحمله ...

ويضيف ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج 1/ 83: كثير من الناس يطير في الهواء وتكون الشياطين هي التي تحمله ... ، ومن هؤلاء من يحمله الشيطان إلى عرفات فيقف مع الناس، ثم يحمله فيرده إلى مدينته تلك الليلة ... ومن الشيوخ من يخاطبهم أولئك الأشخاص (من الجن والشياطين) ويحملونهم ويذهبون بهم إلى عرفات فيقفون بها، وإما إلى غير عرفات ويأتوهم بذهب وفضة وطعام ولباس وسلاح وغير ذلك ... ويخرجون إلى الناس ويأتونهم أيضا بمن يطلبونه، مثل من يكون له إرادة في امرأة أو صبي فيأتونه بذلك إما محمولا في الهواء وإما بسعي شديد ... وقد يقتلون له من يريد قتله من أعدائه أو يمرضونه ... فهذا كله موجود كثيرا لكن، يستنتج ابن تيمية، من الناس من يعلم أن هذا من الشيطان وأنه من السحر، وأن ذلك حصل بما قاله وعمله من السحر، ومنهم من يعلم أن ذلك من الجن، ويقول هذا كرامة أكرمنا بتسخير الجن لنا، ومنهم من لا يظن أولئك الأشخاص إلا آدميين أو ملائكة ... ومن زعم أن هؤلاء ملائكة قال، إن كانوا غير معروفين، هؤلاء رجال الغيب (أي الجن) وإن تسموا قال هذا هو الخضر وهذا هو إلياس وهذا هو أبو بكر وعمر وهذا هو الشيخ عبد القادر أو الشيخ عدي أو الشيخ أحمد الرفاعي أو الشيخ فلان أو علان أوغير ذلك ...

كما قيل إن مسيلمة الكذاب كان معه من الشياطين من يخبره بالمغيبات ويعينه على بعض الأمور، وأمثال هؤلاء كثيرون مثل الحارث الدمشقي الذي خرج بالشام زمن عبد الملك بن مروان وادعى النبوة، وكانت الشياطين يُخرجون رجليه من القيد وتمنع السلاح أن ينفذ فيه، وتسبح الرخامة إذا مسحها بيده، وكان يرى الناس رجالا وركبانا على خيل في الهواء، ويقول لهم هي الملائكة وإنما كانوا جنا، ولما أمسكه المسلمون ليقتلوه طعنه الطاعن بالرمح فلم ينفذ فيه، فقال له عبد الملك إنك لم تسم الله فسمى الله فطعنه فقتله ...

وشيخ آخر، يذكر ابن تيمية، كان له شياطين يرسلهم فيصرعون بعض الناس، فيأتي أهل ذلك المصروع إليه ويطلبون منه إبراءه، فيرسل إلى أتباعه فيفارقون ذلك المصروع ويعطون ذلك الشيخ دراهم كثيرة. وكان أحيانا تأتيه الجن بدراهم وطعام تسرقه من الناس، حتى إن بعض الناس كان له تين في كوارة، فيطلب الشيخ من شياطينه تينا فيحضرونه له، فيبحث أصحاب الكوارة عن التين فيجدوه قد ذهب ... وكثير من الكفار بأرض المشرق والمغرب يموت لهم الميت فيأتي الشيطان بعد موته على صورته، وهم يعتقدون أنه ذلك الميت ويقضي الديون ويرد الودائع ويفعل أشياء تتعلق بالميت ويدخل على زوجته ويذهب، وربما يكونون قد أحرقوا ميتهم بالنار، كما تصنع كفار الهند، فيظنون أنه عاش بعد موته، ومن هؤلاء شيخ كان بمصر أوصى خادمه فقال: إذا أنا مت فلا تدع أحدا يغسلني فأنا أجيء وأغسل نفسي، فلما مات رأى خادمه شخصا في صورته فاعتقد أنه هو دخل وغسل نفسه فلما قضى ذلك الداخل غسله، أي غسل الميت، غاب وكان ذلك شيطانا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير