تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الكائنات الغازية، بدنه الفطري، الذي لم يستكمل مناعته بعد، مما يسبب له الألم، فيحتاج إلى مساعدة مادية (وهذا ضمن الأخذ بالأسباب)، من خلال تحنيك/تطعيم الأطفال عند ولادتهم. فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا منذ الولادة كيف نحمي أطفالنا من الشيطان وجنوده، سواء بالأذان والتكبير في الأذنين، وفي هذا تذكير للمولود بربه ودينه ورسوله (وهذا احتراز روحي معنوي)، أو بالتطعيم أي التحنيك عن طريق الفم (وهذا احتراز مادي) لقتل الجراثيم والميكروبات والبكتيريا الضارة. فاللعاب يقتل الجراثيم ويحللها وهذا هو أساس التطعيم والتلقيح الحديث ...

يقول فاروق مساهل في كتابه تكريم الإسلام للإنسان: التحنيك معجزة طبية للنبي صلى الله عليه وسلم لم تظهر الحكمة من ورائها إلا حديثاً. فالطفل بعد ولادته يجد نفسه وقد انفصل عن أمه وانقطع سيل الغذاء الجاهز إليه، يلجأ للاعتماد على ما استطاع جسمه تخزينه من الطعام وهذا ليس بالكثير أثناء حمله في رحم أمه ... وبما أن نشاط أجهزة الجسم عند المولود تكون في ذروتها ... فإن المخزون يستهلك بسرعة، فتنخفض نسبة السكر في الدم، وحيث إن الفترة الحرجة في إطعام الطفل تقع بين انتهاء ولادته وبدء رضاعته، فإننا نجد في تحنيكه بالتمر - الغني بالسكر الذي تمتصه العروق فيحافظ على نسبة السكر في الدم - حكمة كبيرة ...

والتحنيك هو أن يمضغ تمرة أو شيئا حلوا، ويجعله في فم المولود، ويحك به حنكه بأصبعه حتى يتحلل، والحنك أعلى داخل الفم، ويفترض أن يقوم بذلك مؤمن صحيح الدين سليم البدن.

التحنيك وحكمته:

يبين العلم الحديث أن مستوى السكر (الجليكوز) في الدم يكون منخفضاً لدى المولود حديثاً، وتزداد النسبة انخفاضا كلما انخفض وزن المولود (بينت دراسة حديثة في جامعة نيويورك نشرت في مجلة Journal of Periodontology أن بعض أنواع بكتيريا الفم قد تكون مرتبطة بالولادة المبكرة بالإضافة إلى نقص وزن المولود. وقد جاء في دراسات سابقة أن مرض اللثة والأسنان قد يساهم في حدوث الولادة المبكرة وولادة أطفال ناقصي الوزن. كما نشرت دراسة أخرى في مجلة Am J Obstet Gynecol. 2005 Feb;192(2):513-9. تؤيد هذه النتائج.)، فإذا نزلت النسبة عن 20 أو 30 ملغ اعتبر ذلك هبوطاً شديداً، ونتج عنه أعراض خطيرة منها: رفض المولود الرضاعة، وارتخاء العضلات، واضطراب التنفس، ونوبات من التشنج ... وقد ينتج عن ذلك مضاعفات مزمنة كتأخر النمو، والتخلف العقلي، والشلل الدماغي، وإصابة السمع أو البصر أو كليهما، ونوبات صرع متكررة. وإذا لم يتم علاج هذه الحالات في حينها قد تنتهي بالوفاة، رغم أن علاجها سهل ميسور و هو إعطاء السكر الجليكوز مذاباً في الماء إما بالفم أو بواسطة الوريد.

تحنيك المولود إذن بالتمر واللعاب فيه شفاء وتطعيم بمضادات حيوية تقيه من الأمراض المتعددة التي تسببها الميكروبات والبكتيريا ... بمعنى آخر: تسببها الجن.

تقول منظمة الصحة العالمية إن تطعيم الأطفال ضد مختلف الأمراض ضروري، بل حتمي، حيث إن الطفل يولد بدون مناعة اللهم إلا مناعة مؤقتة ناتجة عن انتقال بعض الأجسام المضادة من الأم إلى الطفل عن طريق الدم، أثناء الحمل، أو عن طريق إفرازها في لبن الأم بعد الولادة.

إن الأمراض التي تتهدد الأطفال غير المطعمين (السل، شلل الأطفال، الخناق، الكزاز، السعال الديكي، الحصبة، النكاف، التهاب الكبد الوبائي ... ) يرجع أصلها إلى الميكروبات أي، باستنتاجنا نحن، هي من مس الشيطان ووخزه وهي تدخل في باب مشاركته آدم في ذريته والقضاء عليهم ... وهذا ما بينه الصندوق العالمي للتلقيح حينما صرح بأن خمسة آلاف طفل في العالم يموتون يوميا نتيجة عدم التطعيم، وطالب بمائة مليون دولار إضافية سنويا ليتمكن من تنفيذ برامجه لوقاية الأطفال الأكثر فقرا في العالم من الأمراض. ألا تذكرنا هذه الأرقام بمشاركة الشيطان لنا في الأموال والأولاد؟ وباستكثار الكائنات المجهرية من الكائنات اللامجهرية؟ أي الجن من الإنس والحيوان؟

حينما نستعرض تاريخ الأوبئة الفتاكة والأمراض المعدية القاتلة فإننا نصاب بالذهول لكثرة الضحايا من الأموات والمعوقين وخاصة الأطفال منهم، وكمثال على ذلك ما وقع في خمسينيات القرن 20م عندما أصبح شلل الأطفال poliomyélite، الذي كان قد نُسي في الولايات المتحدة، آفة وكارثة هددت أمنها، ففي سنة واحدة (1952) ضرب هذا المرض أزيد من 50000 شخص مات منهم حوالي 8000: تلازم زكامي بسيط لمولود جديد يسبب الفيروس أثناءه انتحارا مبرمجا لخلايا الأعصاب المحركة للنخاع الشوكي لدى الأطفال والصبيان وحتى البالغين، وبصعوبة تعلم العالم كيف يتعايش مع عدو مهاجم ولد من رحم الميكروبات الغازية، بحيث يعيش حاليا في الولايات المتحدة 640.000 ممن نجوا من الشلل الذي عصف بسنوات الخمسينيات، بعد أن نجح لقاح سالك Salk في الحد من تأثير الوباء المميت منذ 1955.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير